الوان من بدع ابن تيمية
أول خصماء الرسول واولياء الله وائمة المسلمين
اجيبونا يا محترفى التتيم
للعلامة العارف بالله فضيلة الشيخ سلامة العزامى إمام النقشبندية
( المسلم ) فى أوائل القرن السابع الهجرى استفحل امر التتار وكان ممن فر خوفا منهم الى الشام بعض سكان بلدة ( حران ) الواقعة بين دجلة والفرات وكان من هؤلاء الفارين أسرة الشيخ احمد بن عبد الحليم ابن تيمية ( غفر الله له ) وكانت هذه الاسرة تخدم مذهب ابن حنبل وكان الشيخ عبد السلام جد ابن تيمية قد صنف ( منتقى الاخبار ) الذى شرحه الشوكانى بكتابه ( نيل الاوطار).
وشب احمد بن تيمية فى هذا البيت وعرف بالاجتهاد فى طلب العلم وشجعه أئمة عصره حتى إذا مكن لنفسه أظهر التبدع وخالف الامة حتى رآه ابن بطوطة على المنبر يخطب ويقول ( ينزل الله الى السماء الدنيا كنزولى هذا ) ونزل درجة عن المنبر فثار الناس وضربوه وأوجعوه وقد اتخذ بعض المتعالمين المتهمين فى عصرنا مذهب ابن تيمية حرفة تدر عليهم المال والجاه والساعات والقصور والسيارات وهنا يضع الامام الصوفى الجليل الشيخ العزامى ايدى المخدوعين فى هؤلاء على بعض مبتدعات هذا الرجل حتى يكونوا على شيء من العلم به .
قال الشيخ العزامى :
من خبر تاريخ ابن تيمية ناقدا منصفاً رآه ينطبق عليه كل الانطباق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن مما اتخوف عليكم رجلاً قرأ القرآن حتى إذا رئيت عليه بهجته وكان ردءاً للإسلام غيره الله الى ما شاء فانسلخ منه ونبذه وراء ظهره وخرج على جاره بالسب ورماه بالشرك قلت يارسول الله ايهما اولى بالشرك ؟ الرامى ام المرمى ؟ قال : بل الرامى )اهـ وقوله عليه الصلاة والسلام ( رئيت ) معناه ( رؤيت ) أخرجه ابو نعيم عن حذيفة بن اليمان رضى الله عنهما بسند جيد ، وذلك انه بعد ما كان يظهر أنه دال على السنة داع الى الجنة تابع طريق السلف ماقت للبدعة واهلها انسلخ من ذلك كله الى ضلال فى اصول الدين وخروج الى خلاف ما اجمع عليه أهل الحق من فروعه ، ولم يبال بمخالفة الامام الذى ينتسب اليه فضلاً عن غيره ، ولم يخجل من مخالفة ما اجمع عليه العقلاء وبرع فى الاحتيال لنشر آرائه المخالفة للمعقول والمنقول وبرذ فى نصر بدع الكرامية وإحياء ما اندرس من شبههم وشبه سواهم.
فقال بانه لا اصل للحوادث وانه لا ابتداء لها - اى انها ازلية كأزلية الله - وان ذلك هو مذهب الصحابة والتابعين ، ترى ذلك فى منهاجه الذى يرد به على الروافض .
وتراه مع تقريره هذا ينقل خلاف الصحابة والتابعين فى أول مخلوق هل هو العرش او القلم او الماء ولا يخجل من هذا التناقض فى صفحة واحدة ، ويقول باتصاف الله بما دل الكتاب على انه من سمات الحدوث ويقول بفناء النار منابذا بذلك صريح الكتاب وصحيح السنة معتمدا على آثار واهية أو مئولة ولم يكفه احياء البدع السابقة على زمانه ، بل ابتكر بدعا شنيعة لم يسبقه اليها مبتدع ، فانكر ما اجمعت عليه الامة من التوسل بالانبياء والصالحين والسفر لزيارة سيد المرسلين وقال انه معصية لا تقصر فيه الصلاة واحتج بما هو حجة عليه لو كان يتحرى الانصاف وكفر من استغاث بالصالحين معتقدا انهم مفاتيح خير رب العالمين .
واستفتى هل وقع فى الفاظ التوراة تغيير فأفتى وطول بما لو قرأته لظننت ان المفتى من اكابر احبار يهود المباهتين.
وهذا الرجل غريب فى بدعه فإن المبتدع قد يكون موفقاً فى كثير من غير ما ابتدع فيه ، وهذا الرجل يأخذ اغلاط المبتدعة فينصرها ويدع ماهم عليه من هدى .
هذا ابن حزم ينكر على المجسمة والقائلين بالجهة اشد الانكار ويحاربهم بالمعقول والمنقول وقد أصاب فى هذا ويقول بان ما فات من الصلوات عمداً لا يقضى وان طلاق الحائض لا يقع وخالف فى ذلك الاجماع وصحاح السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجيء ( ابن تيمية ) فيخالفه فيما فيه اصاب ويقول ان هذا راى اليهود واليونان والضلال البعيد ويوافقه فيما أخطأ فيه ويرفع قيرته بان هذا هو الحق الذى لا ينبغى العدول عنه .
ولم يزل هذا الرجل كلما تقدمت به السن يجد فى تنقيص أكابر الامة واعاظم الائمة فى تدريسه ومصنفاته ويفسقهم ويرميهم بالابتداع والمروق من الدين ولا مقتضى لذلك عنده الا قولهم بتنزيه الله عن سمات الحدوث ولوازم الجسمية ويقول ان العلماء اخذوا ذلك عن اليهود ولا يخجل من قوله هذا فانه لا يخفى على من عرف نحلة اليهود انهم ائمة القائلين فى الله بالتجسيم ولوازمه وشهرة القول بذلك عنهم لا تحتاج الى بيان .
وزاده الى العامة حبا تهوين امر الطلاق عليهم فانه كان يفتيهم بان الطلاق المعلق لا يقع اصلاً بوقوع المعلق عليه وان من جعل الطلاق ثلاثاً كان طلقة واحدة ويقول ان هذه الفتوى هى ما عليه اجماع الاولين ، وان جعل الثلاث ثلاثاً انما هو راى امير المؤمنين عمر رضى الله عنه .
وزاده بغضا الى الخاصة انه يعتمد الى ما انتقد به بعض الناس على ابى حنيفة او مالك او الشافعى مما هو او اكثره مجاب عنه فيجمع بعضه الى بعض ويصوغه فى اسلوب يصور لقارئه ان هذا الامام ليس اهلا لإمامة ولا قدوة .
وله فى الهمز طريق غريبة فى التلبيس على القارئين والتظاهر بانه محقق منصف وصل الى ما لم يصل احد قبله حتى ان كتيبه الذى وضعه للإنتصار للأئمة الاربعة على ما فى نصفه الاول من ثناء عليهم ، دس فيه ما يستثير به ضعفاء اهل العلم للخروج عليهم باسلوبه الخادع الماكر .
وهيأ به أذهان متبعيه للجراءة على مخالفيهم هذا فعله مع اكابر الفقهاء المجتهدين فى الفروع وكذلك ديدنه مع ائمة اصول الدين من الاشاعرة والماتريدية .
وقد علم الخاص والعام منذ ظهر الامامان ابو الحسن وابو منصور فى القرن الرابع انهما واتباعهما ناصروا السنة وناشروها وكابتوا البدعة وفاضحوها فى المشارق والمغارب قرنا بعد قرن تشهد اعمالهم بفضائلهم وينطق تاريخهم بصادق جهادهم حق الجهاد فى اعلاء منار السنة ولا عجب فهم أهلها وخفض علم البدعة ولا غرو فهم اعداؤها .
فلا ترى فقيها محققا الا وهو فى عقيدته اشعرى او ماتريدى ومن خرج منهم فعن السنة خرج وفى البدعة ولج ولا يرتاب فى ذلك خبير بما عليه جماعة الصحابة والتابعين لهم باحسان وما تسمع به من خلاف بين الاشاعرة والحنابلة فلا تشك فى ان المراد بهؤلاء الحنابلة غير المحققين منهم .
والجاهلون بما عليه الامام احمد فى اصول الدين فليسوا اتباعا لهذا الامام الجليل على التحقيق الا فى الفروع ، نقل اليهم كلام عن الامام فى بعض اصول الدين لم يحسنوا فهمه فوقعوا فى الغلط وغلب عليهم الحشو ، وبين المحققون منهم مراد الامام وهو ما عليه الجماعة من التنزيه كما اسلفنا لك عن ابى الفضل التميمى وابى الفرج بن الجوزى وكذلك نقل عن سائر محققى الحنابلة فتبين ان لا خلاف - ولله الحمد - ولم يزل الامر على ذلك حتى اعلن ذلك الرجل الحرانى بدعه الشنيعة ودعاواه المريضة .
ومن المعلوم البين ان من خاض فى المعقول وتغلغل فيه لا يخلو من ضعف فى بعض الانظار العلمية ويكون ذلك قليلاً مغموراً فى الكثير الطيب مما وفقه الله له فيغمض ذلك الرجل عن تلك المحاسن التى لا تحصى لاؤلئك الافاضل ويغمط اؤلئك الائمة بما نبه عليه غيره قبل وجوده من هذه النقط الضعيفة القليلة التى قل ان يخلو منها باحث ولا يعيب بها الا من ارتكب الاعتساف وجانب الانصاف ممن فى قلبه مرض.
وكذلك فعل هذا الرجل فاورد هذه المسائل القليلة فى صورة تعطى قارىء كلامه انه لا حسنة لهؤلاء الاكابر وان خيرهم قليل بالاضافة الى ما لهم من شر كبير ، بل قال فى موافقة معقوله المطبوع على هامش المنهاج فى امام الحرمين وحجة الاسلام الغزالى انهما اشد كفراً من اليهود والنصارى ولم يزل ذلك دأب هذا الخارج مع طوائف اهل الحق متكلمين كانوا او فقهاء او محدثين او صوفية صادقين .
وبالجملة انه كما قال له شيخ الحنابلة شمس الدين الذهبى فى نصيحته التى قدمنا لك بعضها ( كان سيف الحجاج ولسان بن حزم شقيقين فواخيتهما ) فهذا صنيع هذا الرجل .اهــ
------------------
المصدر : مجلة المسلم عدد المحرم سنة 1373 هـــ