طَلَبَت صحبهُ الدعاءَ عَليهم وَبغفرِ الذنوبِ كان الدعاءُ
ذلكَ الحِلمُ لا يقاسُ به حل مٌ وإِن جلّ في الورى الحلماءُ
خَشِيَ القومُ أَن تهبَّ بنكبا تِ الرزايا عليهمُ النكباءُ
عَلِموا الحربَ شرّ نارٍ فخافوا ال حَرقَ إِن دامَ منهم الإصطلاءُ
وَدَروهُ الليثَ الجريءَ فإن أُح رِجَ زادَ الإقدام والإجتراءُ
وَرَأوا صحبهُ أُسوداً وأَقوى ال أسدِ بَأساً ما ناله إزراءُ
فَتَداعَوا إِلى الفرارِ وفرّوا وَلهُم خشيةَ الأسودِ عواءُ
وَاِقتَفَتهم تلكَ الصقورُ فَطاروا وَلَهُم كالبغاثِ يَعلو زقاءُ
ثمَّ هاجَت خزاعةٌ بالمريسي عِ فَأخزَت جُموعَها الهيجاءُ
قَتَل اللَّه عشرةً ورئيسُ ال قومِ والقومُ كلّهم أسراءُ
وَاِصطفى بنتهُ النبيُّ عَروساً هُم جَميعاً لأجلها عتقاءُ
وَبيومِ الأحزابِ جاءت جيوشٌ خَلَطوها وقد بَغى الخلطاءُ
هُم يهودٌ هوازنٌ والأحابي شُ قريشٌ وبئست الحلفاءُ
وَالنبيِّ الأمّيُّ لو جاءَ أهلَ ال أرضِ حَرباً ما اِختلّ فيهِ الرجاءُ
وَعَدَ اللَّه أَن يُمكّن هَذا الد دينَ حتّى يُستخلفَ الخلفاءُ
وَوَفى اللَّه وعدهُ وله الحم دُ وَحتّى المعاد هذا الوفاءُ
غَيرَ أنّ الأصحابَ زادوا اِضطراباً إِذ بَدا النِفاقُ داءٌ عياءُ
خَندَقوا حولَهم وكم معجزاتٍ شاهَدوها فكانَ فيها عزاءُ
وَأَتوهم مِن فوقُ من تحتُ فالأب صارُ زاغت وحارتِ الحوباءُ
وَدَعا للبرازِ عمرٌو وهل يب رُزُ إلّا من الشقيّ الشقاءُ
فَبراهُ بذي الفقارِ أبو السب طينِ ليث المعاركِ العدّاءُ
سَيفُ خيرِ الورى بكفِّ عليٍّ ليسَ شَيئاً تَقوى له الأشياءُ
وَأَتى النصرُ بالصبا وجنودٍ لَم يرَوها سيئت بها الأعداءُ
زَلزلوهم وَالريحُ هاجت فكلٌّ كُفِئَت قدرهُ وخرّ الخباءُ
شتَّت اللَّه شَملهم فتولّوا مِثلَما سارَ في السيوف الغُثاءُ
ثمّ صدّوه سائِراً لاِعتمارٍ حيثُ ضمّت جموعَهُ الحدباءُ
بايَعتهُ الأصحابُ فيها فنالوا الر رِبحَ لَكن بالصلحِ تمّ القضاءُ
عاهدَ القومَ صابِراً لشروطٍ هيَ صَبرٌ والصبرُ فيه الشفاءُ
وَتَأمّل نزولَ إنّا فَتَحنا لكَ فَتحاً يزولُ عنك الخفاءُ
وَأَتى عمرةَ القضاءِ بجيشٍ أيُّ جَيشٍ للفتح لولا الوفاءُ
دَخلوا مكّة ففرّت أسودٌ مِن قُريشٍ كأنّما هم ظباءُ
وَأقاموا بِها ثلاثاً وطافوا حلّقوا قصّروا وَسيقت دماءُ
ثمَّ عادَ النبيُّ يتبعهُ السع دُ وَتَمشي أمامه السرّاءُ
خانتِ المُصطفى اليهودُ ومنهم ليسَ بدعاً خيانةٌ وخناءُ
فَغَزَاهم وسطَ الحصون وفيهم كثرةٌ نجدةٌ سلاحٌ ثراءُ
حلَّ فيهم جيشانِ رعبٌ وصحبٌ واحدٌ منهما به الإكتفاءُ
أَسلَمتهم حُصونُهم لِرسول ال لهِ يُجري في شأنِهم ما يشاءُ
لِنضيرٍ ضيرٌ قريضة قرضٌ خَرِبَت خيبرٌ وعمّ البلاءُ
وَجَلا قبلهم بنو قينقاعٍ وَبِوادي القرى أُريقت دماءُ
ما شَفى النفسَ بعدَ هذا وهذا غيرُ فتحٍ به اِستمرّ الشفاءُ
فَتحُ أمِّ القرى وسيّدة الكل لِ سِوى طيبةٍ فكلٌّ إماءُ
أيُّ فَتحٍ للمُصطفى كان فيه فوقَ عرشِ البيتِ الحرامِ اِستواءُ
أيّ فتحٍ للمصطفى كان عرساً ولأمّ القرى عليه جلاءُ
أيّ فتحٍ للمصطفى كان ديناً فَوفتهُ الغرامة الغرماءُ
أيّ فَتحٍ لوقعهِ اِهتزّت الأر ضُ سروراً وشاركتها السماءُ
أيّ فَتحٍ منه أتى كلّ فتحٍ مُنِحَته الغزاةُ والأولياءُ
أيُّ فَتحٍ بهِ على كلّ خلق ال لَهِ للمُصطفى اليد البيضاءُ
أَشرَقَت شمسهُ ببرجِ كداءٍ فاِستنارَت على البطاح كداءُ
حَسَدتها كُدىً فلمّا اِستشاطت هاجَ فيها الغواة والغوغاءُ
ثارَ فيها أوباشُهم كوحوشٍ بانَ مِنها للقانصِ الأخفياءُ
فَلَهُم بالحرابِ كانَ اِصطيادٌ وَبِنارٍ منَ الحروبِ اِشتواءُ
أَشبَهَت قضبهُ المناجلَ إذ قا لَ اِحصُدوهم والهام منهم غثاءُ
وَرَدت مِنهم أفاعي العوالي في حياضِ الدماء وهي ظماءُ
وَلَغت في نجيعِهم ثمّ صدّت راوياتٍ كأنّه صدّاءُ
لانَ صَخرٌ وأَبغضَ القومُ حرباً حينَ ساءَت دُمىً وسالت دماءُ
سَألوهُ عطفَ الحَميم وقالوا مِن قريشٍ أبيدتِ الخضراءُ
فَعَفا عَنهم فَباؤوا بِسلمٍ وَاِستَحالت حاءٌ وراءٌ وباءُ
قوَّمتهُم نارُ الوغى فاِستَقاموا ربَّ كيٍّ صحّت به العرجاءُ
وَلَقد خرّتِ الطوغيتُ إذ أو ما إِليها كأنّها عقلاءُ
زالَ عزُّ العزّى ولم يبقَ للأص نامِ مِن ساكني البطاح اِعتزاءُ
لَو أرادَ النبيّ سالت دماءٌ مِن قريشٍ كأنّها دأماءُ
لَو أرادَ اِشتفى كما شاء لكن ما له في سِوى هُداها اِشتفاءُ
قَد تَغاضى عن كلِّ ما كان لا تص ريحَ في عتبهم ولا إيماءُ
كلُّ أَموالهم غنائمُ أعطا ها إِليهم وكلّهم عتقاءُ
قالَ والكلّ في يديه أسارى دون تقييدٍ أنتم الطلقاءُ
ذلكَ الحلمُ ذلك العفوُ ذاك ال فضلُ ذاكَ الإفضالُ ذاك السخاءُ
فَاِستَحالت مَحاسناً سيّئاتُ ال قومِ حتّى كأنّهم ما أساؤوا
وَاِنجلى عن قُلوبهم كلُّ غيمٍ مِن ضلالٍ وَزالت الغمّاءُ
ثمَّ صاروا لهُ وللدينِ مِن بع دُ همُ الناصرون والنصحاءُ
فَسلِ العُربَ وَالأعاجم والنا سَ جَميعاً فهم بهم علماءُ
أيُّ نارٍ للحربِ شبّت وما كا نَ لَهم بالجهاد فيها صلاءُ
أيُّ فَتحٍ قد كانَ في الشرقِ والغر بِ وَما فيه من قريشٍ لواءُ
وَكَفاها أنّ الإِله اِصطَفاها وَلخيرِ الأنامِ منها اِصطفاءُ
حيِّ أمَّ القرى فَقد قابلتهُ بِقِراها وجلّ منها القراءُ
أَكرَمته بذبحِ بعض بنيها ومقامَ الترحيب قامَ النعاءُ
فَلَكم بالحطيمِ حُطِّمَ قومٌ ندَّ عنهُم في الندوة الجلساءُ
حلَّ في المسجدِ الحرامِ وجوباً كلُّ نَدبٍ مكروههُ سرّاءُ
قَد علا كعبُ كعبةِ اللَّه والمر وة مثلَ الصفا أتاها الصفاءُ
أَجلسته في حِجرِها ولقَد كا نَ له فيهِ قبلُ نعمَ الرباءُ
ما اِكتَفت بالجلوسِ في الحجرِ حتّى ضمّه مِن حنوّها الأحشاءُ
أَرضَعته لبانَ زمزمَ طفلاً فهيَ مِنها اللبانُ والإلباءُ
وَغَذتهُ بدرّها اليومَ حتّى قالَ هذا الطعامُ هذا الشفاءُ
وَمقامُ الخليلِ كان مقاماً للأعادي فزالَ عنه العداءُ
بَيعةُ الركنِ منه وهو يمينُ ال لَهِ تمّت فتمّ الاِستيلاءُ
عَرفاتٌ مِن أجلهِ عُرفَ الحق قُ لَها فاِستنارَ منها العراءُ
ومنىً نالَت المُنى وأضاءت جَمَراتٌ بها وفاضت دماءُ
كلَّ عامٍ عيدٌ لَديها وبالمش عَرِ للعيدِ ليلةٌ قمراءُ
وَليالي التشريقِ أشرقتِ الأر ضُ بِها واِستفاض فيها الهناءُ
كلُّ وحشٍ وكلّ طيرٍ ونبتٍ نالَ أَمناً فعمّتِ الآلاءُ
كانَ دَيناً في ذمَّة الدهرِ هذا ال فتحُ وَاليومَ حلّ منه الأداءُ
كَفلتهُ البيضُ اليمانونَ من قب لُ فأدّى الكفالة الكفلاءُ
وَبسُمرِ الخطّ البراءةُ خطّت كَتَبتها الكتيبةُ الخضراءُ
ثمَّ سارَ النبيُّ نحوَ حُنينٍ بِخَميسٍ ما ضرّه أربعاءُ
وَالأعادي مِن عدّةٍ وعديدٍ لَعِبَت في عقولهم صهباءُ
ركبَ البغلةَ النبيُّ فزالت مِن خيولِ الفوارس الخيلاءُ
فرّ صَحبٌ إذ أعجَبوا ثمّ عادوا وَهوَ نحوَ العدا بها عدّاءُ
وَرَماهم بكفِّ تربٍ فصارَ الص صدرُ ظَهراً وكلّ وجهٍ قفاءُ
وَهناكَ السيوفُ جالَت فجادوا بِنفوسٍ وهم بِها بخلاءُ
أَقبَلوا كالحبوبِ عدّاً فدارت فَوقَهم مِن حروبهِ أرحاءُ
طَحَنَتهم ونارُها خَبَزَتهم لِلعَوافي والطير منهم غذاءُ
وَلخيرِ الرسلِ الكرامِ أبي القا سمِ صارَت أَموالُهم والنساءُ
شَقيَت بِالوغى هوازنُ لولا جودهُ لاِستمرّ فيها الشقاءُ
سيّبَ السبيَ للرضاعِ وفازت بأياديهِ أختهُ الشيماءُ
وَأَفاضَ العطاءَ في الناسِ حتّى كَثُرَت مِن هباتهِ الأغنياءُ
حاصَرَ الطائفَ النبيُّ على إِث رِ حُنينٍ وصحبهُ الأقوياءُ
فَقَضَت حكمةُ الحكيمِ بعجزٍ عنهُ كَي لا ينالهم الاِزدهاءُ
وَنَهاهُم فَما اِنتهوا فَأتاهم ما ثَناهُم فكان بعدُ اِنتهاءُ
وَلَقد مرّتِ المَوانعُ لكن ربَّ مُرٍّ يكون فيه الشفاءُ
آمَنَت بَعدها ثقيفٌ وجاءَت لا هياجٌ منها ولا هيجاءُ
إنَّما الخلقُ خلقُ ربّك يجري فيهمُ الأمرُ فاعِلاً ما يشاءُ
وَتذكّر مِن بعدِ نصرةِ بدر أُحداً كيفَ كان فيه البلاءُ
كَم بَكت في تبوكَ للرومِ عينٌ بَذلوها وفاضَ منها الرواءُ
أَدهَشتهم أخبارهُ كشياهٍ راعَها قسورٌ وغاب الرعاءُ
أَجفَلوا في البلادِ من غير حربٍ وَعَناهم تحصّنٌ واِنزواءُ
ربّ رُعبٍ منهم لعجمٍ وعُربٍ دونَ حربٍ به العدا حرباءُ
عَلِموا أنّه النبيُّ ولكن نَفَذَ الحكم فيهم والقضاءُ
وَأَتاهُم من صحبهِ بعدُ جندٌ كانَ منهُم لحكمهِ إجراءُ
كلُّ لَيثٍ أمامهُ ألفُ ثورٍ بَل ألوفٌ منهم وزد ما تشاءُ
كَنَسوهم مِنَ الشآم ولَكن بَقِيَت في القمامةِ الأخثاءُ
لَو أَطاعوا هِرقلهُم إِذ نهاهم بِنهاهُ لمّا هُريقت دماءُ
وَأَتى المُصطفى هنالك قومٌ كانَ مِنهم بالجزيةِ الإجتزاءُ
دُومةٌ أيلةٌ وأذرحُ أعطا هُم أَماناً ومثلهم جرباءُ
وَبِهذي الغزاةِ كم معجزاتٍ شاهدَتها مِن أحمد الغزّاءُ
كانَ لِلدينِ حينَ تجري رواجٌ وَنَفاقٌ وللنفاقِ اِنتفاءُ
ثمّ عادَ النبيُّ وَالصحبُ بالفو زِ وَطابت بطيبةَ الأنداءُ
وَتَساوى بِطوعهِ الأسدُ الور دُ خُضوعاً والظبية الأدماءُ
وَاِستَقامت لهُ الأنامُ وقامَت بِرضاهُ الخضراءُ والغبراءُ
قادَهُم للرشادِ طوعاً وكرهاً سيفهُ وَالشريهةُ الغرّاءُ
غطفانٌ ذاتُ الرقاعِ بواطٌ دومةٌ والعشيرة الأبواءُ
بدر الأولى بدر الأخيرةُ بحرا نُ سُلَيمٌ لحيانُ والحمراءُ
غَزوةُ الغابةِ السويق بلا أَد نى قتالٍ فرّت بها الأعداءُ
وَسَراياه نحوَ سبعينَ ثمّت كانَ فيها مِن صحبهِ الأمراءُ
أَرسلَ الرسلَ لِلملوكِ فَفاهوا بِلُغاتٍ ما هُم بها علماءُ
صانَعوه مِن خَوفهم بِالهدايا ليسَ يُغني عن الهدى الإهداءُ
وَأَتاهُ الوفودُ مِن كلّ وجهٍ سَرواتُ القبائلِ الوجهاءُ
فَحَباهُم برّاً وبُرءاً فَعادوا وَهُم من خلافهِ برءاءُ
حَجَّ حجّ الوداعِ إذ كَمُلَ الدي نُ وغبّ الوداع كان اللقاءُ
صَحِبَته صَحبٌ إلى كلّ خيرٍ هُم سراعٌ عَن كلّ شرٍّ بطاءُ
يمَّموا في البِطاح للَّه جلّ ال لَه بَيتاً له البروجُ فداءُ
هوَ منهُ مَثابةٌ يرجعُ النا سُ إِليهِ وهُم بهِ أمَناءُ
قِبلةُ المُؤمنينَ في الأرضِ للَ هِ تَعالى وهو الصراط السواءُ
سيّد الأرضِ غيرَ بقعةِ خير ال خلقِ فهيَ الفريدة العلياءُ
هوَ قلبُ الأرضين والحجرُ الأس وَدُ لِلقلبِ حبّةٌ سوداءُ
وَسَوادٌ لمكّةٍ وهيَ عينُ ال أَرَضين الكحيلة الدعجاءُ
قَد كَستهُ القلوبُ والأعينُ الحو رُ لِباساً به يروق اِكتساءُ
فَثَوى كالمليكِ مِن حوله النا سُ رَعايا لهم إليهِ اِلتجاءُ
وَإِذا ما اِصطفى المُهيمنُ شيئاً شَرّفَ الشيءَ ذلك الإصطفاءُ
وَالصفا مَروةٌ منىً عرفاتٌ مثلُ جَمعٍ عمّ الجميعَ الصفاءُ
خيرُ حجٍّ في الدهرِ حجّوه لمّا كانَ مِنهم بالشارعِ الإقتداءُ
قَد قضَوا دَينَ نُسكهم لكريمٍ عَن جميعِ الوَرى له اِستغناءُ
لَهمُ الحظُّ لا له في ديونٍ قَد وَفوها لهُ ومنه الوفاءُ
فَرضهُ أيُّ نعمةٍ وأداءُ ال فَرضِ أُخرى لا تُحصرُ الآلاءُ
فَلهُ الحمدُ وهو منهُ على الرف دِ فمنهُ النعمى ومنه الثناءُ
أكملَ اليومَ دينَهم رضيَ الإس لام ديناً وتمّت النعماءُ
ثمّ ماتَ النبيُّ بَل أفلَت شَم سُ الهُدى واِستمرّت الظلماءُ
فَجَميعُ الأنامِ منهُ إلى الحش رِ بليلٍ نجومهُ الأولياءُ
كانَتِ الكائناتُ تفديهِ لو يق بَلُ مِنها عنه لديهِ الفِداءُ
خَيّروهُ فاِختارَ أَعلى رفيقٍ لَو أرادَ البقاءُ كان البقاءُ
وهو باقٍ باللَه في كلّ حالٍ قبل موتٍ وبعد موتٍ سواءُ
لقيَ اللَّه دون سبقِ فراقٍ إنّما أكّدَ اللّقاءَ لقاءُ
مَوتهُ نَقلةٌ لأعلى فأعلى كلُّ علياءَ فوقها علياءُ
ما أُصِبنا بِمثلهِ والبرايا لَن يُصابوا وهَل له مثلاءُ
هوَ حَيٌّ في قبرهِ ولهذا حُرِمَت مِن تراثهِ الزهراءُ
وَرّثَ العلمَ والشريعة لا الما لَ وَوُرّاثه هم العلماءُ
خصّه اللَّه بالحياةِ على أك ملِ حالٍ يسيرُ حيث يشاءُ
كَم رآهُ بيقظةٍ ومنامٍ مِن محبّيه سادةٌ أصفياءُ
ليسَ تَبدو للعينِ شمسٌ بماءٍ أَو هواءٍ إلّا وثمّ صفاءُ
واِستفاضَت بصدقهِ معجزاتٌ بعضُها كلُّ ما أتى الأنبياءُ
عمّتِ العالَمين علواً وسفلاً وَأطاعتهُ أرضُها والسماءُ
مَنعَ الجنّ في السماءِ اِستراقً الس سمعِ من بعدِ بعثه خُفَراءُ
طَردوهم بالشهبِ عنها ففرّوا مِثلما يطردُ الظلامَ الضياءُ
وَدَعا اللَّه أَن تعودَ له الشم سُ فَعادت كما روت أسماءُ
وَعَليهِ الغمامُ ظلّل حتّى مِثلَ بردِ الأصيل أضحى الضحاءُ
عَلمَ الغيبَ فالدهورَ كآنٍ هو فيهِ والكائناتُ إناءُ
ما دَعا اللَّهَ ربّه في أمورٍ كيفَ كانَت إلّا اِستجيب الدعاءُ
طالَما أُحييَت بدعوتهِ مو تى وماتت بدعوةٍ أحياءُ
كَم عيونٍ عُميٍ ورمدٍ شفاها حَسَدتها سوادَها الزرقاءُ
وَبِلمسٍ شَفى الجراحَ وأَبرا كلَّ داءٍ وليسَ ثمّ دواءُ
سَمِعته الحجارةُ الصمُّ يدعو سَلّمت حين صحّ منه اِدّعاءُ
لَو رآها المسيحُ قال مُقرّاً هيَ حقٌّ لم يلحق الإبراءُ
قَد حباها الحيُّ القدير حياةً مَع نطقٍ ما الميتُ ما الإحياءُ
حنّ جذعُ النخيلِ حين نأى عن هُ حَنيناً كأنّه عشراءُ
لَو قَلاهُ ولَم يصلهُ بضمٍّ أحرَقتهُ مِن وجده الصعداءُ
وَأَتاهُ منَ الفلا شجراتٌ إِذ دَعاها كالسفنِ والأرض ماءُ
وَعَليه الفيءُ اِنحنى بحنوٍّ كَيفَما مالَ مالت الأفياءُ
وَالحَصى سبّحت لعظمِ بنيٍّ جلَّ قَدراً وجلّت الخلفاءُ
مِثلَما سبّح الطعامُ سروراً حينَ همّت بضمّه الأحشاءُ
وَغَدا تحتَ رجلهِ الصخرُ كالرم لِ وَكالصخرِ رَملةٌ وعساءُ
لا تَلوموا لرجفةٍ واِضطرابٍ أُحداً إذ علاه فالوجد داءُ
أُحدٌ لا يلام فهو مُحبٌّ وَلَكم أطربَ المحبّ لقاءُ
رعدةٌ مِن هواهُ هاجت كحُمّى بَرَدَت بعدَ حرّها الأعضاءُ
مُذ شفاهُ بضربِ أبركِ رجلٍ قائلَ اِثبُت لم تعره عرواءُ
حَذّرتهُ شاةُ اليهود من السم مِ بنطقٍ إخفاؤه إبداءُ
حَييت شاتُهم بِسمٍّ مميتٍ حينَ ماتوا غيظاً وهم أحياءُ
غيرُ بدعٍ أَن أَفصحت ظبيةُ القا عِ بنطقٍ فإنّها الخنساءُ
قَد أتتهُ الضبابُ تشهدُ بالصد قِ وَزكّت بالحقّ تلك الظباءُ
وَالبعيرُ اِدّعى فكانَ له الحك مُ لديهِ إِذ جارتِ الخصماءُ
وَبهِ اِختارتِ المقامَ على مس جدهِ يومَ هاجرَ العضباءُ
فَعَلت بالبروكِ مثل صناعٍ ثمّ ثارَت كأنّها خرقاءُ
سابَقت بعضَها المهاري لنحرٍ فَكأنّ الدماء للوِرد ماءُ
جَدولاً ظنّتِ الحديدَ فعبّت فيهِ كوماءُ بعدها كوماءُ
قَد أَطاعتهُ في منىً للمنايا كيفَ تَعصيه للمُنى العقلاءُ
زَهِدَ الذئبُ راحَ يَرعى المواشي أَسَمِعتم أنّ الذئاب رعاءُ
فقّهَ الناسَ بالنبيّ بِنطقٍ أَذِئابٌ بين الورى فقهاءُ
كَم مياهٍ لَه بنبعٍ وهمعٍ أَرسَلتها الغبراء والخضراءُ
ربَّ جدبٍ قَد جرّد النبتَ فالأر ضَ منَ الجدبِ ناقةٌ جرباءُ
وَالورى كلُّهم جِياعٌ عطاشٌ بردَ الفرنُ واِستشنّ السقاءُ
زالَ لمّا اِستقى النبيُّ فَفاض ال خصبُ فَيضاً وغاض ذاك الغلاءُ
قَد دَعا اللَّه قالباً لرداهُ جلّ مَن قَد حواهُ هذا الرداءُ
قَلبَ اللَّه ذلكَ الحالَ بالحا لِ لَديهم فصار يُشكى الشتاءُ
وَأَشارَ النبيُّ للسحبِ كفّي حَيِيَت أَرضُنا فماذا البكاءُ
ضَحكَ الناسُ للغياثِ وصارت تضحكُ الأرضُ منهم والسماءُ
طَربَ الكلُّ شاربين حميّا ال غَيثِ والأرضُ روضةٌ غنّاءُ
نَبَع الماءُ مِن أصابعِ طه أينَ موسى وأين الاِستسقاءُ
أَصدَرت ركوةٌ مئين رِواءً وَرَدوها وهُم عطاشٌ ظماءُ
وَإِناءٌ لديهِ أروى ألوفاً في تَبوكٍ للَّه هذا الإناءُ
وَعيونٌ تبضُّ مثلَ شراكٍ ليسَ يُحصى في وردها الشركاءُ
ربَّ قوتٍ لا يُشبعَ الرهطَ منه كانَ للألفِ والألوف اِكتفاءُ
قَد كَفى جيشهُ بِصاع طعامٍ فَتعجَّب أَما لهم أمعاءُ
وَعَناقٌ كفَت ولَو مِن سواهُ ما كَفتهم لَو أنّها العنقاءُ
عاشَ دهراً أبو هريرةَ والمز وَدُ منهُ طعامهُ والعطاءُ
وَببدرٍ لَدى عكاشةَ صارَت منهُ سَيفاً جريدةٌ جرداءُ
وَلِذي النورِ أشرقَ السوطُ كالمص باحِ منهُ والجبهةُ الغرّاءُ
وَلسلمانَ كَم بَدت معجزاتٌ فوقَ ما قاله له العلماءُ
مائةٌ أربعٌ وعشرونَ ألفاً صحبُ طه وكلّهم سعداءُ
لَيسَ مِنهم مَن لم يشاهد دليلاً كانَ منهُ بنوره الإهتداءُ
كَثُرت مُعجزاتهُ فالنجومُ الز زهرُ تُحصى وَما لها إحصاءُ
وَتَعدّت آياتهُ كلَّ عدٍّ وَقَصى عن حِسابها اِستقصاءُ
وَالكراماتُ كلّها مُعجِزاتٌ منهُ كانت لَها الغيوب وعاءُ
أَظهَرتها الأخيارُ كالقادحِ الزن دِ مَتى اِحتاجَ بان منه الضياءُ
وَلهُ مُعجزات كلّ نبيٍّ هيَ حقٌّ وكلّهم أمناءُ
هُم جَميعاً أَضواؤهُ سبَقوه وَعَلى الشمسِ تسبق الأضواءُ
وَأَتى بعدَهم فأحيا البَرايا مِثلَما يَتبعُ البروقَ الحياءُ
وَاِستمرّت ولايةُ اللَّه إذ تم مَ بهِ للنبوّة الإرتقاءُ
فَهوَ كانَ الوسيط في خير قومٍ حولهُ الأنبياءُ والأولياءُ
كَمليكٍ به أحاطت جيوشٌ منهمُ الحارسونَ والأمراءُ
أَجملُ العالمينَ خَلقاً وخُلقاً ما لهُ في جماله نظراءُ
جاوزَ الحدَّ بالجمالِ فلا الطر فُ مُحيطٌ به ولا الإطراءُ
يوسفُ الحسنِ أُعطيَ النصفَ منه وَبِذاك النصفِ اِفتتن النساءُ
وَحَباهُ اللّه الجميعَ ولكن ما جَلاه الناظرينَ اِجتلاءُ
قَد وَقى حُسنه جلالاً وقاه ذا لِهذا وذا لهذا وقاءُ
مَنعَ البعضُ سطوةَ البعض كلٌّ كفؤُ كلٍّ هذا لهذا إزاءُ
خَوفُ هذا يُدني المنيّة لولا ذاكَ يُبقي الحياةَ فيه الرجاءُ
كلُّ ما فيهِ غايةُ الحسنِ فيه وَمَزاياهُ كلُّها حسناءُ
قامةٌ رَبعةٌ ووجهٌ جَميلٌ لِحيةٌ مع جَمالِها كثّاءُ
لَم يُكلثَم ولَم يَطُل منه وجهٌ وَبِخدّيه رقّةٌ واِستواءُ
أَبيضٌ مشربُ اِحمرارٍ علاهُ جُمّةٌ فوقَ جيده سوداءُ
رَأسهُ الضخمُ فاحمُ الشَعرِ رجلاً ليسَ سبطاً وليس فيه اِلتواءُ
أَبهجٌ أَبلجٌ أزجُّ أسيل ال خدِّ أَقنى وَجبهةٌ جلواءُ
أَكحلُ الجفنِ أدعجُ العينِ نجلا شُكلةٌ في سوادها هدباءُ
أَشنبٌ أفلجٌ ضليعٌ إذا فا هَ تَلالا كالنورِ منه البهاءُ
أَشبَهَت جيدهُ اِعتدالاً وحسناً دُميةٌ مَع بياضِها جيداءُ
واسِعُ الصدرِ فيه شعرٌ دقيقٌ معهُ البطنُ في اِرتقاعٍ سواءُ
ظَهرهُ خاتمُ النبوّة فيهِ أَسفلَ الكتفِ حليةٌ حسناءُ
أَجردُ الجسمِ لحمهُ باِعتدالٍ أَزهرُ اللونِ كاللّجين الصفاءُ
وَهو شثنُ الأطرافِ ضخمُ الكرا ديسِ لكن رجلهُ خمصاءُ
كانَ نوراً في الأرضِ ليسَ له ظل لٌ وهل أَنشأ الظِلالَ ضياءُ
كانَ في الليلِ ينظرُ الشيء سيّا نَ لديهِ الضياءُ والظلماءُ
كانَ من خلفِهِ يَرى الناسَ فالخل فُ لديهِ كأنّه تلقاءُ
كانَ كالمسكِ يقطرُ الجسمُ منه عَرقاً عَن مداهُ يكبو الكباءُ
كانَ لينُ الحريرِ في راحتيهِ وَشَذا المسكِ فيهما والذكاءُ
كانَ إن مرّ سالكاً في طريق أَرِجَت مِن أريجهِ الأرجاءُ
كانَ هَذا من غير طيبٍ أتاهُ إِذ هو الطيبُ والأديم وعاءُ
كانَ يُرضيه كلّ طيبٍ ولكن زادَ فَضلاً بزهره الحنّاءُ
كانَ إِن فاهَ أحسنَ الناسِ صوتاً وَبعيدَ المدى رواه البراءُ
كانَ يفترُّ عَن سنا البرق بسّا مَ الثنايا وضحكهُ اِستحياءُ
كانَ يَبكي بدونِ صوتٍ كما يض حَكُ قَد طاب ضحكهُ والبكاءُ
كانَ يحكي الكلامَ أبيَنَ قولٍ ليسَ سَرداً وليس فيه هراءُ
كانَ لا يأنفُ التواضعُ مهما جلَّ قَدراً وما له كبرياءُ
كانَ أَعلى الأنامِ في الكونِ زُهداً قَد تَساوى الإقتارُ والإثراءُ
كانَ لَو شاءَ أَن تكونَ لَكانت ذَهَباً مع جِبالها البطحاءُ
كانَ يُعطي الديباجَ والخزَّ للنا سِ وَتكفيهِ شملةٌ وكساءُ
كانَ يَبقى شَهراً وأكثر لا يو قِدُ ناراً والعيش تمرٌ وماءُ
كانَ يَرضى بالأسودَين ويُرضي النا سَ منهُ البيضاء والصفراءُ
كانَ لَم يجتَمع لديهِ من الخب زِ بلحمٍ غداؤهُ والعشاءُ
كانَ يَكفيهِ عَن عشاءٍ غداءٌ وعَشاءٌ به يكون اِكتفاءُ
كانَ مثلَ المسكينِ يجلس للأك لِ فَلا مُتّكا له لا اِتّكاءُ
كانَ يُرضيهِ كلُّ طعم حلالٍ وَلديهِ المحبوبةُ الحلواءُ
كانَ يَهوى اللحومَ طَبخاً وشيّاً عَن يسارٍ ومثلُها الدبّاءُ
كانَ يَهوى بعضَ البقولِ كَما جا ءَ وَمِنها الشمارُ والهندباءُ
كانَ يَهوى زُبداً بتمرٍ ومما كانَ يَهوى البطّيخ والقثّاءُ
كانَ يَهوى عذب المِياه فَيستع ذِبها مِن بيوتها السقّاءُ
كانَ يهوى الشرابَ ماءً وشهداً فهوَ لِلجسمِ لذّةٌ وشفاءُ
كانَ فوقَ الحصيرِ يرقُد زهداً أَو أديمٌ حشي بليفٍ وطاءُ
كانَ هَذا فِراشهُ ومنَ الصو فِ دِثارٌ بهِ يكون الغطاءُ
كانَ إن نامَنامَ يذكُر مَولا هُ تَعالى ونومُه إغفاءُ
كانَ يَستَيقظ الكثيرَ منَ اللي لِ يصلّي لا سمعةٌ لا رياءُ
كانَ يَمشي هوناً فيسبقُ كلّ الصح بِ والكلّ مُسرعٌ مشّاءُ
كانَ قَد يركبُ الحمارَ عُفَيراً وَمَشى حافياً وغاب الرداءُ
كانَ خيرَ الأنامِ خُلقاً فلا ال فحشُ ملمٌّ بهِ ولا الفحشاءُ
كانَ من ساءَهُ حباهُ وأبدى ال عذرَ حتّى ظنّ المسيء المساءُ
كانَ عن قُدرةٍ صفوحاً سموحاً ليسَ في الناس مثله سُمَحاءُ
كانَ يَرضى بالفقرِ زُهداً ويعطي ال وفرَ حتّى تستغنيَ الفقراءُ
كانَ بالخيرِ يسبقُ الريحَ جوداً أينَ منهُ الجنوب والجربياءُ
كانَ أَندى الأجوادِ كفّاً وما كف فتهُ عن حاجةِ الورى الحوجاءُ
كانَ لَم يدّخر سِوى قوت عامٍ ثمَّ يَأتي عليه بعدُ العطاءُ
كانَ أَقوى الأنام بطشاً وإن صا رَعَ ذلّت لبطشه الأقوياءُ
كانَ خيرَ الشجعانِ في كلّ حربٍ كيفَ يَخشى واللَّه منه الكلاءُ
كانَ للَّه سخطهُ ورضاهُ بِرضى ربّه له اِسترضاءُ
كانَ برّاً بالمؤمنينَ رؤوفاً وَرَحيماً وصحبهُ رحماءُ
كانَ فيهِ القرآنُ خُلقاً كريماً شدَّةٌ في محلّها ورخاءُ
كانَ خيرَ الأخيارِ رِفقاً وكلُّ الل لطفِ منه قَد ناله اللطفاءُ
كانَ أَتقى للَّه مِن كلِّ عبدٍ أينَ منهُ العبادُ والأتقياءُ
كانَ خيرَ الأنامِ في كلِّ خيرٍ ما لِخلقٍ سِواه معه اِستواءُ
كانَ مَغفورَ كلِّ ذنبٍ ولا ذن بَ وَلكن بالصفحِ تمّ الصفاءُ
سيّدَ الرسلِ يا أبا الكونِ يا أوّل خلقٍ يا من به الإنتهاءُ
سَوفَ يَبدو في الحشرِ جاهُك كالشم سِ مَتى أعوزَ الأنام الضياءُ
سابِقُ الخلقِ أَنت بالبعثِ والرس لُ جنودٌ وفي يديك اللواءُ
خصَّك اللَّه بالشفاعةِ فَرداً في مقامٍ يخافه الأنبياءُ
أَنتَ فيه الإمامُ تسجدُ للَ هِ وكلّ الورى هناك وراءُ
وَلَك الحوضُ دونهُ الشهدُ والمس ك وَما الشاربونُ منه ظماءُ
وَلكَ الأمّةُ المحجّلةُ السا بقةُ الخلق خلفك الغرّاءُ
أَنتَ أصلُ الجنانِ يا سابق الكل لِ إليها يهنيك منك الهناءُ
خصّكَ اللَّه بالوسيلةِ فيها رُتبةٌ فوق خلقهِ علياءُ
فَوقكَ اللَّه عزّ جلّ تعالى ثمَّ أنتَ الأمّارُ والنهّاءُ
كلُّ خلقٍ هناك دونك في كل لِ كمالٍ تعذّرَ الإحصاءُ
سيّدي يا أبا البتولِ سؤالٌ مِن فَقيرٍ جوابه الإعطاءُ
جِئتُ أَبغي منكَ النوال وعندي منكَ يا أعلمَ الورى اِستفتاءُ
ما تقولونَ سادَتي في محبٍّ مَطلَ الصيفُ وعده والشتاءُ
يَبتَغي قُربَكم فينأي كأنّ ال عَبدَ منهُ للإبتعاد اِبتغاءُ
كُلّ عامٍ يقولُ كِدنا وكانَ ال وَصلُ يَدنو وَما لكادَ اِنتهاءُ
قَصرَت عَن خُطا الكرامِ خُطاه في سبيلِ الهدى وطال الحفاءُ
وَهوَ عارٍ ممّا يقي الحرّ من أع مالِ خيرٍ لا كسوةٌ لا كساءُ
وَفقيرُ الأعمالِ والمالِ والحا لِ فَقيرٌ في ضمنهِ فقراءُ
ما اِجتَدى قطُّ مِن سِواكم نوالاً سيّءٌ مِن سواكمُ الإجتداءُ
وَأَتاكُم يَبغي نداكم وقد عم مَ البرايا من بحركم الإجتداءُ
يَبتَغي الحبَّ يَبتغي القُرب يبغي كلَّ خَيرٍ قد ناله السعداءُ
يَبتَغي أَن تحيلَ منهُ الخطايا حَسناتٍ من جودكَ الكيمياءُ
يَبتَغي عيشةً لديكُم يطيب الس سرُّ فيها وتحصل السرّاءُ
يَبتَغي في جِواركم خيرَ موتٍ نالهُ الصالِحون والشهداءُ
وَأَتاكُم مُستَشفعاً بِأخيكم جِبرئيلٍ ومن حوَتهُ السماءُ
وَبِأولادِكم رُقيّة عبد ال لَهِ مِنهم وللبتول اِرتقاءُ
أمُّ كلثوم زينب القاسم إبرا هيمُ نعمَ البنات والأبناءُ
وَبِأهلِ العباءِ أنت عليٌّ حَسنٌ والحسين والزهراءُ
وَبنيهِم ومَن تناسلَ منهُم فَلَهم حكمُ مَن حواهُ العباءُ
أَذهبَ اللَّه رِجسهم فهم مِن كلِّ عَيبٍ عاب الورى أبرياءُ
حبُّهم جنّةُ المحبِّ إذا لم تَصحَبَنهُ لصحبك البغضاءُ
سادَتي يا بني النبيّ نداءٌ مِن عُبيدٍ يُرضيه هذا النداءُ
سادةُ الناسِ أنتُم باِتّفاقٍ وَخلافٌ في غيركم أو خفاءُ
ما اِدّعيتُم فضلاً على الخلق إلّا سلّمتهُ الأعداء والأصدقاءُ
إنّما يحصرُ الإمامةَ باِثني عشرَ الخاطئون وهو خطاءُ
فَلَقد قلَّ ألفُ ألفِ إمام مِنكم جائزٌ بهم الاِقتداءُ
أنتُم كلّكم أمانٌ لأهلِ ال أرضِ إِن زلتمُ أتاها الفناءُ
وَبِكم تؤمنُ الضلالةُ كالقر آن فيكم للمقتدين اِهتداءُ
أَنتُم للنجاةِ خيرُ سفينٍ كلَّما فاضَ في البرايا البلاءُ
أَنتُم بضعة النبيّ فكونوا كيفَ كُنتم فما لكم أكفاءُ
جَدُّكم شاءَ أن تَكونوا كما كا نَ بِعيشٍ هو الكفاف الكِفاءُ
لو أَراد الغِنى لأنبتتِ الأر ضُ نُضاراً وأمطرته السماءُ
فَتأسّوا بِسادةٍ سَبقوكم فَارَقوها ومنيةُ النفس ماءُ
قَد مضَوا غارقينَ في رحمةِ اللَ هِ وَباءت بسخطه الأعداءُ
وَبعمّيكَ حمزةٍ وأبي الفض ل أخيه ومن حواه الكساءُ
وَبِأهلِ التوحيدِ من أهلِ قربا كَ وَبالشركِ تبعد القرباءُ
مَن سألتَ الودادَ بالحصرِ فيهم لكَ أجراً وقلّ هذا الجزاءُ
وَبِزوجاتكَ الألى عمّهنَّ ال فَضلُ إِذ ضمّهنّ منك البناءُ
سَبقتهنّ والجميعُ جيادٌ للمَعالي خديجة الغرّاءُ
وَبروحي فخرُ النساءِ على الإط لاق ذات الفضائل الحمراءُ
بنتُ صدّيقكَ الأحبّ من الكل لِ إِليك الصدّيقة العذراءُ
أَعلمُ العالِمات في الناس عنها قَد روى شطرَ ديننا العلماءُ
ذاتُ فضلٍ لو كان يقسمُ في كل لِ نِساءِ الورى فضلن النساءُ
مَن أراكَ الرحمنُ صورَتها قب لُ حَوتها الحريرة الخضراءُ
بينَ سحرٍ لها ونحرٍ وفاةٌ لكَ كانَت يا نعمَ هذا الوفاءُ
سهّلَ الموتُ رؤيةَ اليد في الجن نَةِ مِنها وهيَ اليد البيضاءُ
رضيَ اللَّه عَن أَبيها وعنها وَرضيتُم فَلتسخط الثقلاءُ
حبّذا حفصةٌ فقَد جاءَ عن جب ريلَ فيها عن الإلهِ الثناءُ
حبّذا زينبُ الّتي زوّج اللَ هُ وطالَ الجميع منها السخاءُ
سَودةٌ زينبٌ جويريةٌ رَم لةٌ هندٌ ميمونةٌ والصفاءُ
هنّ كالسابقاتِ خير نساءٍ خيّراتٍ أصولها أصلاءُ
أمّهاتٌ للمُؤمنين بهنّ ال فخر نالت أمّ الورى حوّاءُ
وَبصدّيقكَ الكبيرِ إمام الص صحبِ والكلّ سادةٌ كبراءُ
وهِزبرٍ بهِ الملوك بنو الأص فرِ بادوا وفارسُ الحمراءُ
وبزوجِ النورَين خير حييٍّ منهُ يأتي الملائك اِستحياءُ
وَبِمَولىً خلّفت يوم تبوكٍ منكَ في خيبرٍ أتاه اللواءُ
فَضلهُم هكَذا اِستقرّ ولكن زادَ عدّاً فما له اِستقراءُ
وَبِكلِّ الأصحابِ والتابعيهم وَالأُلى بعدَهم ثلاثٌ ولاءُ
وَبِأهلِ الحديثِ مَن بلّغوه وِلنعمَ الأئمّة الفقهاءُ
حَفِظوا بعدكَ الشريعةَ حتّى صارَ مِنها للواردينَ اِرتواءُ
وَالأُلى سهّلوا المذاهبَ فيها حيثُ تَجري ساداتنا العلماءُ
وَالأُلى أَظهروا الطرائقَ منها بِسلوكٍ ما شانهُ إغواءُ
وَهمُ العارفونَ باللَّه أهل ال حَقّ أهلُ الحقائق الأولياءُ
فَهَدى الناسَ لَفظُها وَمعاني ها وَأَسرارها وكلٌّ ضياءُ
بِمحبّيكَ مِن فَنوا بكَ حبّاً وَلَهُم بِالفناءِ كان البقاءُ
وَبكلِّ الأخيارِ مِن أمّة عي سى خِتامٌ لها وأنت اِبتداءُ
حالةُ العبدِ يا شفيعَ البرايا وَهُم كلُّهم له شفعاءُ
أتُراهُ وَالحالُ هذا أبا القا سمِ حِلٌّ عن مثلهِ الإغضاءُ
أَتُراه يجوزُ من غير برٍّ وَيجوزُ القِلى له والجفاءُ
أَو يكونُ القبولُ منكم جواباً وَجَزاءً له ونعم الجزاءُ
لَكُمُ الفضلُ كيف كنتم ولكن ما تقولُ الشريعةُ الغرّاءُ
جئتَ فيها بكلِّ خلقٍ كريمٍ يا سِراجاً بهِ الكرامُ اِستضاؤوا
سيّدَ العالمينَ يا بحرَ جودٍ قَطرةٌ من سخائهِ الأسخياءُ
هَذهِ طيبةٌ بمدحكَ قد طا لَت وَطابَ الإنشادُ والإنشاءُ
كلَّها وهيَ ألف بيتٍ قصورٌ عنكَ ضاقت وإنّها فيحاءُ
سَكَنتها أبكارُ غرِّ المعاني منكَ فهيَ المدينة العذراءُ
كلُّ معنىً بلقيسُ والبيت صرحٌ ومنَ الدرّ لا الزجاج البناءُ
سِرتُ فيها بإثر شيخٍ إمامٍ قَد أقرّت بسبقه الشعراءُ
وَبِحَسبي أنّي المصلّي وأنّ ال مُنشديها كأنّهم قرّاءُ
أَنتَ عنّي وعَن ثنائي غنيٌّ ما لعلياكَ بالثناءِ اِعتلاءُ
إنّما أَنتَ سيّدٌ أريحِيٌّ لكَ قَبلي بالمادحين اِحتفاءُ
وَإِذا لَم أكُن بمدحكَ حسّا ناً فَهذي قصيدتي حسناءُ
لَو رَآها كعبٌ لقال سعادٌ أمَةٌ من إمائها سوداءُ
ما لَها في الكِرامِ غيرك كفؤٌ بانَ عنها الأكفاءُ والإكفاءُ
لَم تزِد قدركَ الرفيعَ سوى ما زادَ في الشمس من سناها البهاءُ
هيَ أوصافُكَ الجميلةُ إن كا نَت قَصيداً أو لم تكنه سواءُ
أَنا أدريكَ سابق المدحِ مهما بالَغت في مديحكَ البلغاءُ
لا وصولٌ لغيرِ مبدأِ عُليا كَ وما للعقول بعد اِرتقاءُ
قاصرٌ عن بلوغِ فضلكَ مدح هوَ في كلّ فاضلٍ إطراءُ
كلُّ وصفٍ في العالمين جميلٍ لكَ مَهما تعدّد الأسماءُ
فَلَك الحمدُ يا محمّدُ يا أح مَدُ مِن كلّ حامدٍ والثناءُ
أنتَ أَزكى الأنامِ في كلّ خيرٍ لِلمزكّينَ منك جاء الزكاءُ
في ثناءِ المثنينَ نعماء لكن منكَ كانت عليهم النعماءُ
لم يُزاحِم مدّاحكَ البعضَ بعضاً أنتَ بحرٌ والمادحون دلاءُ
وَعَجيبٌ دعواهمُ فيك مدحاً منكَ فيه الإمداد والإملاءُ
كانَ مِنهم إنشادهُ حينَ يسري الس سرُّ فيهم فينشأ الإنشاءُ
وَاِعتقادي أَن لو مُدحتَ بسفرٍ عَرضهُ الأرضُ كلّها والسماءُ
ما حَوى مِن غزيرِ فضلكَ إلّا مثلَ ما حازَ من بحارٍ ركاءُ
مَثَلي فيكَ في مَديحي كما لو وصفَ العرشَ ذرّةٌ عمشاءُ
وَصَفت ما رَأتهُ منه ولكن فاقَ منهُ العلوّ منك العلاءُ
غَير أنّي أدريكَ سمحاً سخيّاً عربيّاً يرضيك فيك الثناءُ
وَدَواعي حبٍّ دَعتني دعاوٍ هيَ منّي وما لها شهداءُ
واِحتِياجي إليكَ في كلّ ما يأ تي وجلّت فيما مضى الآلاءُ
وَبِقلبي وَقالبي كلّ داءٍ شفَّ روحي وأنتَ أنت الشفاءُ
فَحَداني هذا على خيرِ مدحٍ هزّ منه الأرواح نعم الحداءُ
لِقليلٍ ممّا منحتَ قضاءٌ هو منّي وللكثير اِقتضاءُ
لَم أَكُن أَستطيع لو لم يُعنّي منكَ سرٌّ وسيرةٌ حسناءُ
فَتَقبّل واِعطِف وكُن لي شفيعاً يومَ تحتاجُ فضلك الشفعاءُ
وَأَجِرني وعترَتي من زماني فَدواهيهِ كلّها دهياءُ
عادَ فيهِ الدينُ المبينُ كما قل تَ غَريباً وأهله غرباءُ
فَتداركهُ قبلَ أن تَخطُرَ الأخ طارُ فاليومَ مسّه الإعياءُ
وَتكرّم بشدّهِ فقُواه نالَها بالشدائدِ اِسترخاءُ
صارَ للشركِ في أذاهُ اِشتراكٌ حينَ ما للنِفاق عنه اِنتفاءُ
كَم أبو جهل اِستطالَ على الدي نِ وكَم ذا أزرت به الجهلاءُ
وَلَكم في ثيابهِ ابن سلولٍ شاكهُ مِن نفاقه سلّاءُ
ما اِغتراري بمَن تلوّن منهم وَالأفاعي أشرُّها الرقطاءُ
مِلءُ قَلبي محبّةٌ لمحبّي كَ وإِن قلّ في فؤادي الصفاءُ
وَاِرتِياحي في بغضِ قومٍ لديهم لكَ يا سيّد الورى بغضاءُ
لا أُواليهمُ الزمانَ ولا هم ليَ ما ذرّ شارقٌ أولياءُ
لا يراني الرحمن إلّا عدوّاً لأعاديكَ أحسنوا أم أساؤوا
رضيَ اللَّه مَن رضيتُ ومن لم ترضَ عنهُ فاللَّه منه براءُ
فَاِرضَ عنّي باللَّه واِسمح وقُل لي قَد قَبِلناك أيّها الخطّاءُ
وَمنَ الفوزِ أن أكونَ لديكم ثاوياً لا يملّ منّي الثواءُ
ليتَ شِعري هل يقبلُ اللَّه شعري وَجَميعي عُجبٌ وكلّي رياءُ
بكَ أرجو قبولَهُ وقبولي محض فضلٍ ولن يخيب الرجاءُ
أنتَ شمسٌ وفي سناكَ ظهوري غيرُ مُستغربٍ لأنّي هباءُ
كَم فقيرٍ بلَحظةٍ منك أضحى عَن جميعِ الوَرى لهُ اِستغناءُ
قَد أجزت المدّاحَ قبلي فكانت سُنّةً واِقتدى بك الكرماءُ
فَأجِزني بِما تطيبُ بهِ نف سكَ فضلاً يا سمحُ يا معطاءُ
لَستُ أَبغي قدري ولا قدرَ شعري قدرَ جود المعطي يكون العطاءُ
وَبِحسبي صلاحُ ديني ودنيا يَ وحسُن الختام فيه اِكتفاءُ
فَعَليكَ الصلاةُ تبقى من اللَ هِ كَما شاء كثرةً وتشاءُ
وَعليكَ السلامُ منهُ على قَد رك قدرٌ لا يعتريه فناءُ
وَعَلى الأولياءِ آلك والصح بِ ومن للجميع فيه ولاءُ
ما قَضى اللَّه في الورى لكَ مدحاً ولهُ الحمدُ كلّه والثناءُ
القصيدة البدوية للشريف اسماعيل بن تقاديم النقشبندي رضي الله تعالي عنه متوسلا بالسيد أحمد البدوي رضي الله تعالى عنه وعن سائر الأولياء
شربي صفا بالبدوي المقتفى*فحل الرجال به شربت دنانا
ضربت قباب في رحاب عطائه*بحرا خضما قد سقى عطشانا
من زاره يحظى بنيل مراده*دنيا وأخرى شاهدا برهانا
انت الذي أظهرت كل عجيبة *مع بنت بري بالبيان عيانا
إني أتيتك من بلاد قد نأت*أطوى المهامة عاشقا ولهانا
بتنا بساحتك التي وفدت لها*عرب وعجم أنسها والجانا
شيخي النسيب يا سليل أئمة*تزهو العصور بهم سقوا ظمأنا
هم من سلالة زهرة بنت النبي*قطب الوجود به سما أنسانا
ياجعفريا باقريا يالها*من نسبة درا يتيما بانا
نظمت ببسط في سلاسل عسجد*من نورها الدر المشعشع كانا
فبالأنتساب اليك يدعى الجعفري*دينا وطينا أي فخر زانا
أبائي الأشراف في كل الورى*شادوا وسادوا العجم والعربانا
من آل زيد في أمارة مكة*حاز المفاخر قد علا سلطانا
إن غاب منا في المغارب كوكب*يبدوا نظير من سما كيوانا
أسما باسماعيل فرع قد زهى*من عين عز زادني عرفانا
فابن تقاديم العزيز لقد بنا*من رحمة أحي بها البلدانا
فبأحمد النهج القويم سلكته*يسرا به يبدوا سعيدا زانا
قد كنت طالع سعده احظى به*زيدا بذاتي راقيا لبنانا
من محسن أرعى جمالا في كلا*زهر الحسين به ملكت حسانا
فسل الكريد وشن كور من رأى*صقرا يخوي في الرجال عيانا
يدعى بالأعسر والأشم نعته*فبحمرة شربت بياضا زانا
فسلا خزيمة يوم مشتبك القنا*فيكر في فل الجيوش طعانا
أسدا ضموزا في المجالس ساكتا*بل ينتخي يوم الوقاء بيانا
جدي حسين نعته في رحمة*أهمت مزينا وابلا هتانا
وكذاك يدعوه حسين*توأم لشقيقه حسن رأى احسانا
قد خلفوا فيها تقاديم الذي*سم العداة بسيفه العداه بسيفه والزانا
عندي بذاك نميقة فتأرخت*بوقائع الآباء والأزمانا
إلى نهاية عام ويرخ جمل*لمحمد البركات تم مكانا
ابنا شهاب الدين ذلك كنهه*بأبي سليمان رقى سلطانا
يدعى احمد من سعيد أمره*في مكة البطحا بدا أعلانا
فأبوه سعد نجل زيد ملكوا*نجدا حجازا أيمنا برانا
هل من قريب دوننا أولى بكم*بالنسبتن فكان ممن دانا
فلأحمد البدوي جينا زورة*أما وأهلا مالنا ولدانا
نبغي جوائزكم بأمداد طما*بمواهب عند العزيز شفانا
فبكم شفا من عيني أسد*أنت الأمون في حمول بلانا
ياجيرة الحي الوحاء فداوه*فبكم يزول بكم ترى العينانا*
حركت عزمك بالنبي وآله*يا بدوي تسابق الفرسانا
إلى مرام قد قصدناه بكم*سلوا السيوف البيض هزوا الزانا
شيخي أبو الفتيان أنت وسيلتي*خلفاك جندي من جلال بهانا
نشروا اللواء بين الأبارق أوسطوا*برق السيوف وجلجلوا البيشانا
رقصوا بطنبور العزيز فزادني*وجدا بقلبي أوقدوا النيرانا
جردت سيفي بين جند الخيف مع* شيخي العزيز يجول بي جولانا
يدعى بعطاب الرجال إذا سطى*يفري الجماجم والليوث حذانا
عيناه كالشهب بسر جلالة*حرقت عنيدا باغضا لحمانا
جذب الأسير من النصارى*غيرة لما دعاه كرد طرف كانا
على منارة طندتا رج الهوى*كل رأى الصندوق حط كانا
منها كرامة قية لما سقى*قمرا جرى في الأرض شق مكانا
طالع كتاب مناقب تنظر بها*كل الغرائب عند قطب الحانا
هل من جهول منكر لكرامة*تأكيد معجزة أتت برهانا
ورث الفتوة من أبينا حيدر*باب المدينة والنبوة زانا
حركت سلسلة سمت مني إلى*جدي رسول الكون منه كانا
هيا بنا هيا بنا سادتي*في نصب قومي واخفضوا العدوانا
في رفع عبد الله عبد المطلب*واجزم بضد باء بي حرمانا
هيا بنا في عز نجل غالب*ليكون معقلنا وساس بنانا
بنا توجوه تاج عز في منا*عند المعز من بلوغ منانا
هيا بنا أحيوا شريعة جدنا*قطب الوجود وهدموا الأوثانا
من رمز ربي عززوا سربي إذا*كنت الموالي لعزهم مولانا
لما تجلى لي العزيز بحانكم*شربي بجام العشق منه دنانا
شكري بسكري من مدام جلاله*ذكري بفكري قد ملا الأركانا
بطريقة البدوي كأسي دائر*بدوائر أبدى بتلك مصانا
بدا السلوك بدارة فتكررت*قسمت بخط مستقيم بانا
شربي الحميا من حما أحدية*فتجردت عما بدت لي شأنا
في برذخ الخط فراقب وحدة*ظهرت صفات زوائد عنوانا
وبأسفل الخط مثلث هندسي*أولى الزوايا علمه يمنانا
وفي الشمال لنوره فتقابلا*على زوايا حادة ما بانا
إن الوجود يمينه وشهوده*يسرا شمالا راقبنه عيانا
فلواحد الأسماء أسفل قوسها*مرج لبحريها أفاض عيانا
من بين ذين برذخ طود أشم*ما زحزته ملتقى البحرانا
فبواسع أبني دويرا خمرة*من فيض قدس لن ترى عينانا
فحقائق الأسماء تمد رقائقا*لدقائق الأعيان قد ما كانا
سورا مجازا عبرت عنها إذا*في حضرة العلم ثبوتا صانا
فاشرب عبوقا صاغها إلى أحمد*فحل الرجال به أزيد بيانا
وبخالق في حضرة العين بنا*فيض المقدس خمرة بي زانا
فبدارتيه أرى التقابل عندما*سار الرجال اليهما ركبانا
من بين ذين قد بدا الجبروت لي*برق تبدى قد يضئ دجانا
أنواره قهارة منه ابتدأ*كوني بعيني من سما سمانا
من فيض قدوس لنا فتعينت*أرواحنا خمر الحبيب سقانا
جبروت ذات والصفات وأسمها*ملكوتها لمظاهر اسمانا
والملك في الأفعال يبدو من بدا*عند البوادي قد شربت دنانا
وبدارة الجبروت قطب سما*فيه البدائع للعقول برانا
حارت عقول في بدائع فعله*تفصيل تضمين أريك بيانا
ملكوتها عند الجميل منصة*فبأول منه الهباء كانا
من ظاهر أشكال كل قد بدت*سجل الحكيم جسمونا أنشأنا
وبمالك الملك بدا الناسوت من*ناست غصون حركت أفنانا
عرش المحيط به ملأ كل الخلاء*سر الأحاطة قد حوى من كانا
كرسيه مجلا شكور أقل من*يدعى شكورا واسمه بسمانا
قبلت سجنجلة الكمال بصقله*مرآت قلبي أبدت الأكوانا
صلى بفرض الذات مع نفل* الصفات بفعله قد رد ما حانا
وهب الخلافة كان سمعا باصرا*إن كنت سمعا فاحفظن بيانا
فلك البروج عن الفناء منصة*فلنا غني من كنز ذات صانا
سر الحقيقة طلمستني قد بدا*بالحب من أحببته عرفانا
فلك المنازل من تجلى المقتدر*فيه سبقت الركب والفرسانا
إني وسبعين رجالا نجبا*من خمرة ذكر شربت دنانا
وبه تجر الشمس من قطب السما*دهرا ويوما ما خلى أزمانا
سنكون في عندية من مالك*في مقعد الصدق رقيت جنانا
ملك به بدر استنار زين حل*طرد التدلي العكس فيه بانا
فاطلب شويخا واصلا ومسلكا*فيريك سرا فائقا أقرانا
عنه عروجي في بروجي راقيا*وبه نزولي في أصول شأنا
تعيينه بالرب عز جلاله*بمقاتل يدعى به كيوانا
إن العظيم به استنارة مشيرا*عند العليم تعينت لتصانا
والجبر والأجبار في الجبار مع*جبروت مدح استنار مكانا
ومعاهد يبدو التعين منه لي*راقب دواما حاذر النسيانا
والشمس بالنور بدت متكبرا*منه استنارت للعيون عيانا
إلمهيمن باستنارة زهرة*فلها اليقين ناصرا قد زانا
وتحصى عطارد لاح في تعيينها*والضوء باد نهارنا وسمانا
إن العلي به استنار هلالنا*بدر المبين تعين استبيانا
من قابض نار الأثير تضرمت*في جسم ضد اسعرت نيرانا
هبت نسيم الحي أحيا بالهوى*في حي حي الحي دام حيانا
والحي أسقاني عبيقا باردا*عند العذيب وريده أسقانا
فدا التراب من المميت مذللا*أرضا زلولا باردا ببغانا
سر العزيز على المعادي قد سرى*أكسيره لما رآه عيانا
من دام ذاكرا بالعزيز*أشخاص قوم خسة ومهانا
تبديله منا الخسيس بذكره*ذكر نفيسا جوهرا وجمانا
ذكر الكروبيين كل ملائك*وكذا الكواسر من رقى لبنانا
رزاق نبت والزهور تزاهرت*زوجا بهيجا قد كسى ثمرانا
ومن المذل تذللت حيواننا*ترعى الخزامى في ربا برانا
إن اللطيف به الجنون تسترت*إن جن ليلي همت فيه جنانا
إن القوي به الملائكة الألي*جند عرمرم قد قووا بقوانا
أمدادنا جند غلاظ عصمة*عبل شداد قد ملوا تركانا
أسرار جمع الجمع في أسم جامع*جمع الجموع ومظهر إنسانا
هو مظهري للواحدين كاملا*فبه جمعت شتات ما قد بانا
إن الرفيع يضاف للدرجات ذا*مبدأ اليقين سر صب صانا
مجلا لإنسان بدا لي كامل*فردية أعرج وأنزل حانا
أعني بذاك عروجه ونزوله*سر الترقي والتدلي زانا
فبأحمد البدوي نلت مقصدي*خمارنا الساقي يزيل الرانا
فبه شربت مدام أسما بالهنا*بمظاهر قلبي يفور دنانا
لأبي اللثامين مريدا سرت في*مجالي أسماء بدت أعيانا
عين العزيز طمت لنا بجداول*ميلي إليها مولعا ظمآنا
صبت دموعي مذ شغفت بذكره*أهوى هواها ذاكر لبنانا
فبدا غرامي من بريق جماله*أهل الغرام رقوا على ميدانا
والحب يسري في الجوانح والجوا*وحوار عزة حيرت جورانا
تبكي بارزا عند مرزاء والظباء*ترعى الخزامى في ربا نجوانا
بأهل عذرا رام جوازري*نحو البويرق هيجت أشجانا
والود في حان العزيز بخمرة*بين الندامى زادني هيمانا
عشق الجمال المطلق البادي به*في حي ليلى زاد منه جنانا
كل مليح حسنه لإعارة*من ذاك فالمح حورها ولدانا
من عالم يبقى دواما فاشهدن*خمر الجمال إذ بدت أعيانا
في عالم الكون وأفساد ترى*مجنون ليلى هام فيه بيانا
لي أسوة في قيس لبنى من دما*أبكي بدمع هاطلا هتانا
رهبان مدين للجمال عواشق*خروا لعزة سجدا رهبانا
شيخي أبو فراج زاد تشوقي*فاجمع جنود الله لي فرسانا
جولوا وصولوا في فريق قد بغى*إن قلت هيا بادروه طعانا
شيخي أبو الفتيان أنت وسيلتي*في كل كرب جل لنا جولانا
أنت المجرب في مهمات البلاء*سندا قويا في زوال عنانا
فلنا وليد قد بلى بغشاوة*فأتى إليك فداوه برهانا
رب توسلنا بأسماء سمت*عن عد محص مثنيا بثنانا
وبسر خير الخلق أعني أحمدا*ومحمد والآل زد أيمانا
وبصحبه الأخيار ثبب ديننا*عند الممات في دنيانا
وبأحمد البدوي قو ما مضى*عمرا طويلا في رضى مولانا
عزز جنودي آل زيد بالمنى*نصرا عزيزا أهلكن عدانا
فلنجل غالب عجلا مقصوده*لي وله دار الجدود معانا
وأسر المعزة في سعيد عضدن*به ذوي زيد بدا أعلانا
واهزم به الأعداء عزا بالغني*ليكون سيفا باترا عدوانا*
واصلح ذوات البين في قوم الألي*زادوا بزيد قد رقوا كيوانا
تجلوا الهموم إذا شذاها ملحن*انغام شربي إذ دخلت الحانا
وبها يهيج الأولياء سحيرة*هزت دواعي الشوق من بلوانا
وتحرك الأبطال عند سماع ما*يعلي الدما ويهيج الفرسانا
غلب الجلال علي فاستولى على*جسمي نحولا شب بي نيرانا
في حمل سيفي لا أطيق تجلدا*من أجل ذاك فانتخ الفرسانا
يارب قو ركن آل جعافر*أجداد آبائي بنوا قيعانا
من كادهم يارب كده ومن طغى*خذه سريعا إن بغى عدوانا
من قوة بهرت تقوي حزبهم*من سر أمداد لنا قد بانا
يارب كثر نسلهم ومعاشهم*رغدا هنيئا أصلحن الشأنا
يارب أوزعني لأوصل حبلهم*أرحام آبائي نأوا بلدانا
في عام غرس نصف من شهر من رجب*في موسم الطنطاوي قلت بيانا
يارب لا تقطع حبال قرابتي*من ذين ود أهلنا قربانا
صلي وسلم يالهي على النبي*قطب الوجود به شربت دنانا
تمت بحمد الله.