الرفاعي ســــــيـد أحــمــد الـعطـــار

مرحبا بأحباب الله وحبيبه المصطفى

صلى الله عليه وآله وسلم

( سجلوا معنا وساهموا ) بأرائكم البناءة

نحو مجتمع صوفى خالى من الشوائب

وأزرعوا هنا ماتحبوا أن تحصدوه يوم العرض

على الكريم الرحمن الرحيم

أهلاً بكم ومرحباً
الرفاعي ســــــيـد أحــمــد الـعطـــار

مرحبا بأحباب الله وحبيبه المصطفى

صلى الله عليه وآله وسلم

( سجلوا معنا وساهموا ) بأرائكم البناءة

نحو مجتمع صوفى خالى من الشوائب

وأزرعوا هنا ماتحبوا أن تحصدوه يوم العرض

على الكريم الرحمن الرحيم

أهلاً بكم ومرحباً
الرفاعي ســــــيـد أحــمــد الـعطـــار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الرفاعي ســــــيـد أحــمــد الـعطـــار

منتدى لمحبي الله ورسوله الذاكرين الله ومكتبة صوفية
 
الرئيسيةالبوابةالأحداثأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 جواز الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سيداحمدالعطار
خـا د م الـمـنـتـد ى
سيداحمدالعطار


عدد المساهمات : 904
تاريخ التسجيل : 11/12/2011
العمر : 61

جواز الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: جواز الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم   جواز الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم I_icon_minitimeالثلاثاء 31 يوليو 2012, 5:51 am

الأنوار الصوفية في جواز الإحتفال بمولد سيدنا النبي خير البرية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بدأ بأخذ العهد لنفسه على أرواح جميع بني آدم في عالم الذَّرِّ وأشهدهم على أنفُسهم واقرَّهم على اعتقاد الربوبية المطلقة له فقال جلّ من قائل: ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِِّّيَّاتِهمِْْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا ) ، وثَنَّى بأخذ الميثاق لنبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم على جميع الأنبياء الذين هم صفوة خلقه فقال جلّ من قائل: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا ءَاتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثمّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ َءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُــو, أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ )
وصلى الله على سيدنا النبي وسلم عليه وعلى اصحابه وآل بيته تسليماً كثيراً
وبعد,
أعلم رحمنى الله وإياك أن الإحتفال بالمولد النبوي مشروع وعليه الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة الإسلامية التي لم ولن تجتمع على ضلالة.
وصدق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم القائل عن ابن عمر-رضي الله عنه-:
"إن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة أبداً، وإن يد الله مع الجماعة، فاتبعوا السواد الأعظم، فإن من شذ في النار"
رواه الترمذي (٢٠٩٣)، والحاكم (١/١٩٩-٢٠٠)، وأبو نعيم في الحلية
(٣/٣٧)وابن مندة،من طريق الضياء عن ابن عمر والحديث صحيح بمجموع طرقه
والسواد الأعظم من جل علماء المسلمين دونوا آرائهم الواضحة وطفحت كتبهم بما ينص على جواز الإحتفال بالمولد النبوي الشريف وهذا ما جمعناه بعد أن طفح الجهل من بعض أدعياء العلم في هذا الزمان فكرسوا وقتهم وجهدهم لمحاربة جل علماء الأمة الإسلامية فرموا كل من
احتفل او اجازه بالمبتدع والفاسق والاجر بل زاد بعض الجهال ان هذا من أبواب الشرك والعياذ بالله.
وما جاء في أثر ابن مسعود رضي الله عنهما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح). كشف الأستار عن زوائد البزار" ‏(1/81)، و "مجمع الزوائد" ‏(1/177)
قال ابن كثير: "وهذا الأثر فيه حكايةُ إجماعٍ عن الصحابة في تقديم الصديق، والأمر كما قاله ابن مسعودٍ".
وقال الشاطبي في "الاعتصام" (2/655)إن ظاهره يدل على أن ما رآه المسلمون بجملتهم حسناً؛ فهو حسنٌ، والأمة لا تجتمع على باطلٍ، فاجتماعهم على حسن شيءٍ يدل على حسنه شرعاً؛ لأن الإجماع يتضمن دليلاً شرعياً")

وممن اجازه وراه حسناً جمهور الإمة الإسلامية وجل علمائها مثل الإمام السيوطي وحافظ الدنيا في الحديث ابن حجر العسقلاني والإمام النووي والإمام ابن كثير و إمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي الحافظ العراقي الحافظ السخاوي والكمال الأدفوي و الحافظ ابن حجر الهيثمي والحافظ المجتهد الامام ملا علي قاري و الحافظ ابن الدبيع وابن طغربك وغيرهم الكثير والكثير وسنورد اسماء الائمة في الموضوع وما سنورده هو على سبيل المثال لان حصر الائمة والعلماء يصعب على الباحث
ذكر ابن تيميه عن محمد بن سيرين في اقتضاء الصراط المستقيم ( ص 306 )
ما رواه أحمد حدثنا إسماعيل أنبأنا أيوب عن محمد بن سيرين قال نبئت أن الأنصار قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قالوا : لو نظرنا يوما فاجتمعنا فيه فذكرنا هذا الأمر الذي أنعم الله به علينا فقالوا يوم السبت ثم قالوا لا نجامع اليهود في يومهم قالوا فيوم الأحد قالوا لا نجامع النصارى في يومهم قالوا فيوم العروبة وكانوا يسمون يوم الجمعة يوم العروبة فاجتمعوا في بيت أبي أمامة أسعد بن زرارة فذبحت لهم شاة فكفتهم .

وجاء في فيض القدير
قال القاضي:- حيث أن خروج آدم في يوم الجمعة من الجنة سبب لوجود الذرية الذين منهم الأنبياء والأولياء وسبب للخلافة في الأرض وإنزال الكتب وقيام الساعة سبب تعجيل جزاء الأخيار وإظهار شرفهم فزعم أن وقوع هذه القضايا فيه لا يدل على فضله في حيز المنع
قال القاضي: وقد عظم اللّه هذا اليوم ففرض على عباده أن يجتمعوا فيه ويعظموا فيه خالقهم بالطاعة لكن لم يبينه لهم بل أمرهم بأن يستخرجوه بأفكارهم وواجب على كل قبيل اتباع ما أدى إليه اجتهاده صوابا ًأو خطأ كما في المسائل الاجتهادية فقالت اليهود هو يوم السبت لأنه يوم فراغ وقطع عمل فإن اللّه فرغ من السماء والأرض فيه فينبغي انقطاعنا عن العمل فيه والتعبد وزعمت النصارى أنه الأحد لأنه يوم بدء الخلق الموجب للشكر والتعبد ووفق اللّه هذه الأمة للإصابة فعينوه الجمعة لأن اللّه خلق الإنسان للعبادة وكان خلقه يومه افالعبادة فيه أولى لأنه تعالى أوجد في سائر الأيام ما ينفع الإنسان وفي الجمعة أوجد نفس الإنسان والشكر على نعمة الوجود وروى ابن أبي حاتم عن السدي أنه تعالى فرض الجمعة على اليهود فقالوا يا موسى إن اللّه لم يخلق يوم السبت شيئاً فاجعله لنا فجعل عليهم وذكر الأبي أن في بعض الآثار أن موسى عين لهم الجمعة وأخبرهم بفضله فناظروه بأن السبت أفضل فأوحى إليه دعهم وما اختاروا.
فيض القدير جزء 3 ص ص 494

ونورد لكم بعض النقاط التي جمعناها من الكتب والمواضيع في هذه الرسالة الملتقطة
شبهات المعترض والرد عليها
1- قالوا: أن المولد النبوي الشريف لم يكن من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من سنة خلفائه
الجواب :
بل كان من سنته تعظيم يوم مولده صلى الله عليه وسلم كما في الحديث أنه سئل عن صوم يوم الأثنين؟ فقال: ((ذاك يوم ولدت فيه)). أخرج مسلم في صحيحه (2/819)
قال الإمام ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله تعالى ـ
وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن صيام يوم الاثنين ؟قال: (ذاك يوم ولدت فيه وأنزلت علي فيه النبوة) إشارة إلى استحباب صيام الأيام التي تتجدد فيها نعم الله على عباده، فإن أعظم نعم الله على هذه الأمة إظهار محمد صلى الله عليه وسلم وبعثته وإرساله كما قال تعالى: (لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم). فإن النعمة على الأمة: بإرساله أعظم من النعمة عليهم بإيجاد السماء والأرض والشمس والقمر والرياح والليل والنهار، وإنزال المطر وإخراج النبات، وغير ذلك.فإن هذه النعم كلها قد عمت خلقا من بني آدم كفروا بالله وبرسله وبلقائه فبدلوا نعمة الله كفراً، فأما النعمة بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم فإن بها تمت مصالح الدنيا والآخرة، وكمل بسببها دين الله الذي رضيه لعباده، وكان قبوله سبب سعادتهم في دنياهم وآخرتهم.
فصيام يوم تجددت فيه هذه النعم من الله على عباده المؤمنين حسن جميل، وهو من باب مقابلة النعم في أوقات تجددها بالشكر.أنتهى كلامه
لطائف المعارف ص114ط دار الكتب ضبط سعيد اللحام وابراهيم رمضان
ويستفاد من تعليق الإمام ابن رجب على الحديث أن الهدف من الصيام هو شكر الله على النعمة .وأن مولد النبي صلى الله عليه وسلم نعمة عظيمة ،تستحق الشكر لعظمتها. وبه يتبين للعاقل المنصف وجه الدلالة في الحديث على تخصيص يوم من الأسبوع يحتفى فيه بالمولد ،هو يوم الأثنين ،وهذا مستحب ،وهو بشهر مولده الصق ومعلوم أنه ولد في شهر ربيع الأول بالإجماع وإنما وقع الخلاف في تاريخ ذلك فقيل في الثاني عشر من ربيع الأول وهو قول الجمهور وقيل في يوم التاسع منه وهذان القولان أشهر ماذكر ،والمهم هو تعظيم يوم الأثنين من كل أسبوع ،مهما استطاع الإنسان إلى ذلك سبيلاً لأنه مستحب

2- قالوا :والاحتفال بالمولد محدث أحدثه الشيعة الفاطميون
الجواب:
ليس بصحيح أن أول من أحدثه الشيعة الفاطمية بل هو موجود من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ـ أي من حيث تعظيم اليوم الذي ولد فيه بعبادة ـ و الذي أحيا ذلك هم أهل السنة والجماعة ومن اتسع فيه وقام به بشكل مرتب منظم هو الملك المظفر وهو سني العقيدة فبدعة أهل السنة للمولد النبوي هي إحياء لتعظيم ذلك اليوم بترتيبها وتنظيمها لا في أصله لأن أصله مشروع كما في الحديث السابق تعظيم يوم مولده صلى الله عليه وسلم كما في الحديث أنه سئل عن صوم يوم الأثنين؟ فقال: ((ذاك يوم ولدت فيه)). أخرج مسلم في صحيحه (2/819) .
ولذا فحق لكل مسلم أن يقول نعم البدعة هذه
وكون الفاطمية سبقوا إلى إحياء هذه السنة ففيه نظر .! ولكن على فرض ذلك فلا حرج ،لأننا إنما ننكر الباطل الذي يأتي به المبتدعة، وليس المرفوض هو الحق الذي وافقوا فيه السنة .

3- قالوا:- في الاحتفال بذكرى المولد تشبه بالنصارى.
الجواب:
لا شك أن التشبه بهم فيما هو من خصائصهم محرم ،أما تعظيم الله ورسله عليهم الصلاة والسلام فليس خاص بهم، بل كل مصدق بالأنبياء لابد أن يعظمهم سواء كان يهودياً أو مسلماً ،لكن لا يتشبه بالنصارى فيطرونه إلى درجة العبادة ،ولا يتشبه باليهود فيجفون الرسل ـ عليهم السلام ـ حتى وصلوا إلى أحط الدركات بقتلهم وتكذيبهم .فلا تشبه بحال من الحالين.
فالنهي هو عن التشبه بهم فيما هو من خصائصهم هذا هو المقصود.وهذا واضح لكل بصير بمعان الحديث .
فليس تعظيم الرسل خاص بهم فهو مطلوب من الجميع بلا غلو ولا جفاء
و ليس هناك أي معنى لربط هذا المولد بالمشابهة الصريحة بالنصارى فلا النيّة ولا الكيفيّة - وهذين الأصلين من أهمّ الأصول التي يحكم بها على الأمر- مشتركة فأنّى يتمّ هذا التشابه المزعوم .
والآن أخي الكريم أريد توضيح أمر قبل أن أوضّح بطلان دعوى مشابهة النصارى للمقيمين للمولد وسأُطنِب في الكلام للمزيد من التوضيح فلتقرأ بتأمّل وتدبّر وليطل نفسك معي.
كذب وافترى من ادّعى أنّ المجيزين للمولد لم يحتفلوا إلا في ذلك اليوم أعني يوم الثاني عشر من ربيع الأوّل ونسوا رسول الله صلى الله عليه وسلم باقي أيّام السنة ! ؛ بل إنّهم يحتفلون به طوال أيّام السنة والواقع يشهد ؛ فإن قيل أنّ يوم الثاني عشر من ربيع الأوّل ينال مزيد اهتمام ورعاية فتنقله القنوات الفضائيّة ويحضر كثير من مشائخ وعلماء العالم الإسلامي في مولد واحد وجلسة موحّدة ويتم فيه من الاهتمام مالا يتم في غيره.
فالجواب : أنّ هذا من باب ارتباط الزمن بالحدث ؛ فانظر إلى هذا الحبيب الأعظم والمعلّم المقدّم نبيّنا وسيّدنا محمّد صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم لمّا قَدِمَ المدينة ووجد اليهود يصومون يوم عاشوراء لأنّه يوم نجّى الله فيه موسى عليه الصلاة والسلام فأمر بصيامه ؛ فهذه النتيجة تعطينا هذه المقدّمات :
الأولى : أنّ نجاة سيّدنا موسى عليه السلام حدثت في يوم عاشوراء وهي نعمة عظيمة .
الثانية : أنّ اليهود كانوا يصومون ذاك اليوم فأمر بصيامه الحبيب صلّى الله عليه وسلم .
الثالثة : أمره صلّى الله عليه وسلّم المسلمين صيامه وقوله (نحن أولى بموسى منهم) يعني موافقته لفكرة اليهود في صيامهم هذا اليوم .
الرابعة : فكرة اليهود من خلال تطبيقهم تكون : شكر النعمة في يوم حدوثها أنسب الأوقات لذلك .
الخامسة : بالجمع بين الأصلين السابقين (الثالثة والرابعة) يُقَالْ أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم أقرّ فكرة (شكر النعمة في يوم حدوثها أنسب الأوقات لذلك)
وبتحرير العبارة السابقة بطريقة تطبيقيّة يكون :
النعمة : نجاة موسى عليه السلام
يوم حدوثها : عاشوراء المكرّم
أنسب الأوقات لذلك : أي يوم عاشوراء ؛ بإظهار ذاك الشكر وإعلانه
مع ملاحظة أنّه ليس فيما ذكرنا (أنسب الأوقات لذلك) ما يدعو إلى تخصيص هذا اليوم دون غيره ؛ بل هو (أنسب) من أفعل التفضيل ؛ فعداه أيضًا فاضل .
إذا عُلِمْ هذا فلا شكّ أنّ مولد النبيّ صلى الله عليه وسلّم وبروزه للعالمين أعظم نعمة لنا معشر المسلمين خاصّةً .
فإن طبّقنا الأصل السابق (شكر النعمة في يوم حدوثها وأنّ ذلك أنسب الأوقات له) والذي قرّرنا فيما مضى أنّه أصلٌ صحيح ويقرّه النبي صلى الله عليه وسلّم على احتفائنا بالمولد الشريف تكون النتيجة :
النعمة : مولد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هدًى ورحمة للعالمين .
يوم حدوثها : الثاني عشر من ربيع الأوّل
أنسب الأوقات لذلك : أي يوم الثاني عشر من ربيع الأوّل ؛ ومعنى هذا أنّ ما عداه من الأيّام أيضًا فاضل .
فنقول (شكر نعمة مولد النبي صلّى الله عليه وسلّم في يوم الثاني عشر من ربيع الأول أنسب الأوقات لذلك وإن كان غيره من الوقت مناسب)
بعد كل هذا أظن أنّه قد اتّضح سبب تخصيص يوم الثاني عشر من ربيع الأوّل بهذا الاهتمام ؛ فإن اتّضح هذا أعود مرّة أخرى لأقول :
إنّ محاولة ربط المولد بالتشبّه بالنصارى محاولة فاشلة ؛ لأنّ هذا يستلزم إذا كان حقًّا مشابهة ثلاثة أمور -أو أكثر- :
الأوّل : تشابههما بحيثيّة ذكرهم لقصّة المولد.
الثاني : تشابههما بحيثيّة ذكرهم القصّة في هذا اليوم.
الثالث : تشابههما بحيثيّة الاحتفال بهذه الطريقة المُعلَنَة.
فلا باب لمن أراد أن يزعم أنّ المولد فيه مشابهة للنصارى إلا أن يقول أنّه يشابه النصارى في هذه الثلاث الأمور .
ومن زعم مشابهة المقيمين للمولد النصارى أراد الأمر الثاني والأمر الثالث ولن يجرأ للتصريح بأنّ الأمر الأوّل كذلك ؛ لأنّ الأمر الأوّل منصوص عليه بصراحة في قوله صلّى الله عليه وسلّم عن يوم الإثنين ((يوم ولدت فيه)) وقوله تعالى عن عيسيى عليه السلام {والسلام علىَّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً} وعن سيّدنا يحيى عليه السلام {وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً} .
فهذا الأمر الأوّل (الذي هو حيثيّة تشابههما في ذكر قصّة المولد) اتّضح أنّه منصوص عليه في الكتاب والسنّة ؛ فهل سيستطيع هذا الزاعم مشابهة النصارى لمقيمين المولد أن يقول أنّ في هذا أعني الأمر الأوّل مشابهة للنصارى ؟
لن يجرأ أحد على ذلك ؛ فإن ثبت هذا فعليه أن يستثني الأمر الأوّل من الأمور الثلاثة التي ذكرناها حتّى يثبت حجّته المزعومة ؛ وهذا سيلزمه إلى البحث عن وسيلة غائيّتها تحقيق ذلك ؛ ولن يجد إلا التخصيص بلا مخصّص ؛ وهو باطل ؛ فعلم بطلان ذلك .
فإن قيل -وهذا ما أظنّ أنّه سيقوله الكثير- أنّ الأمر الأوّل (حيثيّة ذكرهم لقصّة المولد) غير داخل معنا في الكلام لأنّا نتكلّم عن حيثيّة ذكر القصّة في ذاك اليوم أعني الثاني عشر من ربيع الأوّل (الأمر الثاني)
قيل : أنّ معنى هذا أنّك مسلّم وموافق أنّه إن حدث المولد في غير الثاني عشر من ربيع الأوّل فليس فيه أيّ مشابهة للنصارى ؛ فإن توصّل لهذه النتيجة علم بنفسه تفاهة قوله بعدها أنّ إقامة المولد في يوم الثاني عشر من ربيع الأوّل فيه تشبّه بالنصارى ؛ وإقامته في غيرما ذاك اليوم ليس فيه أي تشبّه بهم .
وبالتالي سيقصر إنكاره على من يحتفل ويقيم المولد ذاك اليوم فقط ؛ وسيخصّص بدايات شهر ربيع الأوّل ليحذّر الناس من هذه البدعة المنكرة ! لأنّها تشبّه بالنصارى !! وعندئذ سيضطّر إلى (التحذير طوال السنة بشكل عام و بدايات شهر ربيع الأوّل لقرب الأوان بشكل خاص ومزيد اهتمام عن الاحتفال بالمولد لأنّه في هذا اليوم تشبّه بالنصارى) وهذا أعني التحذير طوال السنة ثم التخصيص بالمزيد من الاهتمام بدايات شهر ربيع الأوّل مثالاً واضحًا لمسألة متى يتمّ الاحتفال أطوال العام أم فقط يوم في السنة التي وضّحناها سابقًا فالمقيمين للمولد يقيمونه طوال العاموهذا يحذّر طوال العام والمقيمين للمولد يخصّصون الثاني عشر من ربيع الأوّل بمزيد اهتمام وهذا يخصّص بدايات ربيع الأوّل لقرب الأوان بمزيد اهتمام وعناية ؛ {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} .

4- قالوا : وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن الغلو في مدحه فقال : ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده ، فقولوا عبد الله ورسوله ) أخرجه البخاري 4/142 رقم 3445 ، الفتح 6/551 ، أي لا تغلوا في مدحي وتعظيمي كما غلت النصارى في مدح المسيح وتعظيمه حتى عبدوه من دون الله ، وقد نهاهم الله عن ذلك بقوله : ( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ) النساء/171
الجواب :
وهذا صحيح فعبادة غير الله شرك أكبر سواء كان نبياً أو غير نبي ،ونحن نتكلم عن مولد يعبد فيه الله وحده لا عن موالد النصارى ،ونتكلم عن تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم تعظيماً مشروعاً لا أن نطريه كما أطرت النصارى عيسى إذ عبدوه وجعلوه ثالث ثلاثة ،ومنهم من قال إنه ابن الله سبحانه وتعالى عن قولهم.
فلا غلو ولا جفاء .
وأصبح إيراد الأدلة التي يسوقها المعترض في غير محلها.

5- قالوا: الاحتجاج بأن هذا عمل كثير من الناس في كثير من البلدان : والجواب عن ذلك أن نقول : الحجة بما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، والثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم النهي عن البدع عموماً ، وهذا منها ، وعمل الناس إذا خالف الدليل فليس بحجة وإن كثروا.
الجواب :
الناس لا يحتجون بعمل المسلمين على مشروعية العمل وإنما يحتجون بتجويز جمهور العلماء لهذا العمل ،وليس من باب البرهان للتشريع ،وإنما من باب لفت النظر إلى استنادهم لدليل ،لأن العوام تبع للعلماء ،فلما نظرنا للعلماء وأقوالهم قديماً وحديثاً كالحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي وابن الجزرى وكثير من علماء المذاهب الأربعة وغيرها علمنا أن لهم أدلة أقاموها على جواز الاحتفال بالمولد النبوي ،وعلمنا أنهم قيدوا ذلك بعدم وجود منكرات فيه ،وعلمنا أن لهم أدلة وحجج شرعية على جوازه،وبه علمنا سبب تواتر عمل المسلمين على ذلك في شتى بقاع الأرض على تفاوت بينهم من مولد ليس فيه إلا الخير فقط ،ومولد خلط عملاً صالحاً وعملاً منحرفاً عن الجادة .
ولذا فنحن نقول هو سنة لابدعة وقد سبق ذكر بعض الأدلة على ذلك فهو موافق للدليل لا مخالف، إنما البدعة كانت في إحياءه لا في أصله كما أن صلاة التراويح كانت البدعة في إحياءها جماعة لا في أصلها.

6- قالوا: " كل بدعة ضلالة " والمولد النبوي بدعة
و قولهم [أن تخصيص ذلك اليوم بمزيد عبادة يعتبر بدعة في الدين ،وكل بدعة ضلالة.]
الجواب:
أولاً:المخصص ليوم ميلاده بمزيد فضل هو النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في الحديث الشريف تعظيم يوم مولده صلى الله عليه وسلم كما في الحديث أنه سئل عن صوم يوم الأثنين؟ فقال: ((ذاك يوم ولدت فيه)). أخرج مسلم في صحيحه (2/819) .
وكذا بالقياس على تخصيص يوم عاشوراء بعبادة شكراً لله تعالى على نجاة موسى فكذا يوم ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم بجامع شكر الله على هذه النعمة.
ثانياً:أن الأصل هو أن يعمل الطاعات في كل وقت لا يستثنى من ذلك إلا ما منع الله عن نوع من العبادة فيه.
وذلك بأدلة كثيرة منها قول الله تعالى {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره}
ولذا فالأصل أن المسلم يصلي النوافل المطلقة في جميع الأوقات إلا ما منع الشرع من الصلاة فيه وهي أوقات معروفة بأوقات النهي.
والأصل أن جواز الصيام في أي يوم من الأيام إلا ما نهى الشرع عنه سواء نهي تحريم كيوم العيد أو نهي كراهة كإفراد الجمعة .والأصل إطعام الطعام في جميع الأوقات إلا ما منع الشرع منه كإطعام الصائم في نهار رمضان فإنه لايجوز .والأصل الصدقة في جميع الأوقات ..إلخ.إذن فلا وجه لمنع الناس من زيادات الطاعات المشروعة إلا بنهي خاص يخصص عموم النصوص الدالة على التقرب إلى الله تعالى .وعليه فلاوجه لنهي الناس عن ذكر الله يوم المولد ،ولاوجه لنهيهم عن صيام التطوع ،ولا وجه لنهيهم عن أي طاعة ،إلا مانهى الشرع عنه بخصوصه .
ومن نهى الناس عن عبادة الله في وقت من الأوقات بأي نوع من العبادة فعليه الدليل .
ثالثاً:اما حديث كل بدعة ضلالة ؟فالمقصود بالبدعة مالا أصل له في الدين .ولذا قال في الحديث الأخر ((من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد )) فقوله (في امرنا) أي في دينه وشرعه وقوله (فهو رد )أي مردود غير مقبول .فالصوم والصلاة ،والصدقة ،والذكر ،والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلها مشروعة ،ولذا فهي من أمره وشرعة .وكذلك الفرح والابتهاج بيوم مولده لاشك أنه من دلائل المحبة.
مفهوم البدعة عند علماء السنة والجماعة
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل مُحدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)
وفي تحديد المراد من قوله صلى الله عليه وسلم هذا عصمة عن التمادي في إطلاق الألسن بالتبديع والتضليل بفعل كثير من المسائل الفقهية المختلف فيها بين أرباب المذاهب الفقهية من المجتهدين الذين ما كانوا يثبتون حكمًا بالرأي المحض، وإنما يستندون إلى مآخذ شرعية ضبطوها وبذلوا جهدهم فيها مع عدالتهم وسعة اطلاعهم واستقامة أفهامهم وتحرّيهم الصواب بتكرير النظر مرة بعد أخرى، وسار مَنْ بعدهم على منوالهم فنظروا وانتقدوا واستنبطوا ورجّحوا، وربما توهم قوم في خلافهم مع سواهم أن اختلافهم معهم على عقيدة فشّركوا وضلّلوا وبدّعوا... بينما لم يتفطّنوا إلى أن الاختلاف إنما كان على مفاهيم متخالفة في العبادات والمعاملات فلا يوجب ذلك الاختلاف تكفيرًا أو تبديعًا.
جاء في الحديث عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما أتخوف عليكم رجلاً قرأ القرآن حتى إذا رؤي عليه بهجة وكان رِدْءَ الإسلام اعتزل إلى ما شاء الله وخرج على جاره بسيفه ورماه بالشرك) رواه البزار وإسناده صحيح. وقوله: (وكان رِدْءَ الإسلام) يعني عونًا ونصرًا.
وأخرج ابن مردويه عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أخوف ما أخاف عليكم ثلاثًا، رجل آتاه الله القرآن حتى إذا رأى بهجته وتردى الإسلام أعاره الله ما شاء اخترط سفه وضرب جاره ورماه بالكفر، قالوا: يا رسول الله، أيهما أولى بالكفر، الرامي أو المرمي به؟ قال: الرامي... الحديث) الحديث رواه ابن حبان عن حذيفه.
وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: وذكر الحديث وفيه: (ومن دعا رجلاً بالكفر أو قال: عدو الله، وليس بذلك إلا حار عليه) أي رجع عليه.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرئ قال لأخيه يالكافر فقد باء بهما أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه).
وأخرج أبو القاسم الأصفهاني في "الترغيب والترهيب" عن ابن عمر قال: وضع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثماني عشرة كلمة قال: ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه، وَضَعْ أمر أخيك على أحسنهِ حتى يأتيك منه ما يغلبك، ولا تظن بكلمة خرجت من مُسلم شرًا وأنت تجد لها في الخير محملاً.
ولا شك أن الغلو في الدين وعدم الفقه والتفقه في مقاصد الشريعة مع الإعجاب بالنفس، وعدم الاعتداد بآراء العلماء وأفهامهم، واستحلال دماء المسلمين المعصومة، وعدم المحاولة في فرض المخارج الحسنه لهم، وعدم تحمل الخلاف في الرأي هو السبب في التبديع والتضليل والمسارعة فيها.
ما هو فهم علماء السلف لحديث: (كل مُحدثة بدعة).

الخطابي:
قال الإمام أبو سليمان أحمد بن محمد الخطابي البستي المتوفى سنة 388 في شرح هذا الحديث: وقوله: (كُل مُحدثة بدعة) فإن هذا خاص في بعض الأمور دون بعض، وهي كل شيء أحدث على غير أصل من أصول الدين، وعلى غير عياره وقياسه، وما كان منها مبنيًا على قواعد الأصول ومردودًا إليها فليس ببدعة ولا ضلاله، والله أعلم، وفي قوله: (عليكم بسنتي وسنة الخفاء الراشدين) دليل على أن الواحد من الخلفاء الراشدين إذا قال قولاً وخافه فيه غيره من الصحابة كان المصير إلى قول الخليفة أولى.
معالم السنن شرح أبي داود الخطابي

ابن عبد البر:
قال الإمام الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد البر النمري الأندلسي: وأما قول عمر: نِعمت البدعة، فالبدعة في لسان العرب اختراع ما لم يكن وابتداؤه، فما كان من ذلك في الدين خلافًا للسنة التي مضت عليها العمل فتلك بدعة لا خير فيها، وواجب ذمها والنهي عنها، والأمر باجتنابها وهجران مبتدعها إذا تبين له سوء مذهبه، وما كان من بدعة لا تخالف أصل الشريعة والسنة فتلك نعمت البدعة، كما قال عمر: لأن أصل ما فعله سنة.
وكذلك قال عبد الله بن عمر في صلاة الضحى، وكان لا يعرفها، وكان يقول: وللضحى صلاة؟
وذكر ابن أبي شيبة عن أبي عليه الجريرى عن الحكم عن الأعرج قال: سألت ابن عمر عن صلاة الضحى فقال: بدعة، ونعمت البدعة.
وقد قال تعالى حاكيًا عن أهل الكتاب: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ} [الحديد: 27].
وأما ابتداع الأشياء من أعمال الدنيا فهذا لا حرج فيه ولا عيب على فاعله
الاستذكار شرح الموطأ لابن عبد البر

كلام نفيس لابن رجب الحنبلي:
قال العلامة الحجة الفقيه المحدث الإمام زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد المعروف بابن رجب الحنبلي في شرح حديث: (كل بدعة ضلالة) قوله: (وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة) تحذير للأمة من اتباع الأمور المحدثة المبتدعة، وأكد ذلك بقوله: (كل بدعة ضلالة) والمراد بالبدعة ما أُحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، وأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعًا وإن كان بدعة لغة، وفي "صحيح مسلم" عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته: (إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة).
وأخرج الترمذي وابن ماجة من حديث كثير بن عبد الله المزني -وفيه ضعف- عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ابتدع ضلالة لا يرضاها الله ولا رسوله كان عليه مثل آثام من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئًا).
وأخرج الإمام أحمد من رواية غضيف بن الحارث الشمالي قال: بعث إليّ عبد الملك بن مروان فقال: إنا قد جمعنا الناس على أمرين: رفع الأيدي على المنابر يوم الجمعة، والقصص بعد صلاة الصبح والعصر، فقال: أما إنهما أمثل بدعتكم عندي ولست بمجيبكم إلى شيء منها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة فتمسكٌ بسنة خير من إحداث بدعة).
وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما من قوله نحو هذا، فقوله صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة) من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيء، وهو أصل عظيم من أصول الدين، وهو شبيه بقوله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد) فكل من أحدث شيئًا ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة، والدين بريء منه، وسواء في ذلك مسائل الإعتقادات أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة، ثم قال: وقد روي الحافظ أبو نعيم بإسناده عن إبراهيم بن الجنيد قال: حدثنا حرملة بن يحيى قال: سمعت الشافعي يقول: البدعة بدعتان، بدعة محمودة وبدعة مذمومة، فما وافق السنة فهو محمود، وما خالف السنة فهو مذموم، واحتج بقول عمر رضي الله عنه: نعمت البدعة هي، ومراد الشافعي رضي الله عنه ما ذكرناه من قبل، وهو أن البدعة المذمومة ما ليس لها أصل في الشريعة ترجع إليه، وهي البدعة في إطلاق الشرع، وأما البدعة المحمودة فما واقف السنُّة يعني ما كان لها أصل من السنة يرجع إليه، وإنما هي بدعة لغة لا شرعًا لموافقتها السنة، وقد روي عن الشافعي كلام. آخر يفسر هذا وهو أنه قال:
والمحدثات ضربان:
ما أحدث مما يخالف كتابًا أو سنة أو أثرًا أو إجماعًا فهذه هي بدعة الضلال.
وما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، وهذه محدثة غير مذمومة.
كثير من الأمور التي أحدثت ولم يكن قد اختلف العلماء في أنها هل هي بدعة حسنة حتى ترجع إلى السنة أم لا، فمنها كتابة الحديث، نهى عنه عُمر وطائفة من الصحابة، ورخص فيها الأكثرون، واستدلوا له بأحاديث من السنة، ومنها كتابه تفسير الحديث والقرآن كرِهه قوم من العلماء ورخص فيه كثير منهم، وكذلك اختلافهم في كتابة الرأي في الحلال والحرام ونحوه، وفي توسعة الكلام في المعاملات وأعمال القلوب التي لم تنقل عن الصحابة والتابعين، وكان الإمام أحمد يكره أكثر ذلك.
وفي هذه الأزمان التي بَعُدَ العهد فيها بعلوم السلف يتعين ضبط ما نقل عنهم من ذلك كله ليتميز به ما كان من العلم موجودًا في زمانهم وما أحدث من ذلك بعدهم، فيعلم بذلك السنة من البدعة.
وقد صح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: إنكم قد أصبحتم اليوم على الفطرة، وإنكم ستحدثون ويحدث لكم، فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالهدي الأول.
وابن مسعود قال هذا في زمن الخلفاء الراشدين.
وروي ابن مهدي عن مالك قال: لم يكن شيء من هذه الأهواء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان، وكأن مالكًا يشير بالأهواء إلى ما حدث من التفرق في أصول الديانات من أمر الخوارج والروافض والمرجئة ونحوهم ممن تكلم في تكفير المسلمين واستباحة دمائهم وأموالهم، أو في تخليدهم في النار، أو في تفسيق خواص هذه الأمة، أو عكس ذلك، فزعم أن المعاصي لا تضر أهلها، وأنه لا يدخل النار من أهل التوحيد أحد، وأصعب من ذلك ما أحدث من الكلام في أفعال الله تعالى في قضائه وقدره، فكذب بذلك من كذب وزعم أنه نـزه الله بذلك عن الظلم، وأصعب من ذلك ما حدث من الكلام في ذات الله وصفاته مما سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون لهم بإحسان، فقوم نفوا كثيرًا مما ورد في الكتاب والسنة من ذلك، وزعموا أنهم فعلوا تنـزيهًا لله عما تقتضيه العقول بتنـزيهه عنه، وزعموا أن لازم ذلك مستحيل على الله عز وجل، وقوم لم يكتفوا بإثباته حتى أثبتوا بإثباته ما يظن أنه لازم له بالنسبة إلى المخلوقين، وهذه اللوازم نفيًا وإثباتًا درج صدر الأمة على السكوت عنها، ومما أحدث في الأمة بعد عصر الصحابة والتابعين الكلام في الحلال والحرام بمجرد الرأي، ورد كثير مما وردت به السنة في ذلك لمخالفته الرأي والأقيسة العقلية، ومما حدث بعد ذلك الكلام في الحقيقة بالذوق والكشف وزعم أن الحقيقة تنافي الشريعة، وأن المعرفة وحدها تكفي مع المحبة، وأنه لا حاجة إلى الأعمال وأنها حجاب أو أن الشريعة إنما يحتاج إليها العوام، وربما انضم إلى ذلك الكلام في الذات والصفات بما يعلم قطعًا مخالفته للكتاب والسنة وإجمال سلف ألأمة: {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 213].

النووي:
قال ألإمام شيخ الإسلام محيي الدين أبو زكريا يحيى النووي قوله: (وكل بِدعة ضلالة) هذا عام مخصوص والمراد غالب البدع، قال أهل اللغة: هي كل شيء عمل على غير مثال سابق.
قال العلماء: البدعة خمسة أقسام: واجبة ومندوبة ومحرمة ومكروهة ومباحة.
فمن الواجبة نظم أدلة المتكلمين للرد على المَلاحِدة والمبتدعين وشبه ذلك، ومن المندوبة تصنيف كتب العلم وبناء المدارس والربط وغير ذلك، ومن المباح التبسيط في ألوان الأطعمة وغير ذلك، والحرام والمكروه ظاهران.
وقد أوضحت المسألة بأدلتها المبسوطة في "تهذيب الأسماء واللغات" فإذا عرف ما ذكرته علم أن الحديث من العام المخصوص وكذا ما أشبه من الأحاديث الواردة، ويؤيد ما قلناه قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في التراويح: نعمت البدعة، ولا يمنع من كون الحديث عامًا مخصوصًا قوله: (كُل بدعة) مؤكدًا بكلّ بل يدخله التخصيص مع ذلك كقوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [الأحقاف: 25].

ابن تيميه:
قال الشيخ ابن تيميه معلقًا على قول سيدنا عمر بن الخطاب: نعمت البدعة هذه، ثم نقول: أكثر ما في هذا تسمية عمر تلك بدعة مع حسنها، وهذه تسمية لغوية لا تسمية شرعية، وذلك أن البدعة في اللغة تعم كل ما فعل ابتداءً من غير مثال سابق، وأما البدعة الشرعية فكل ما لم يدل عليه دليل شرعي.
فإذا كان نص رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دل على استحباب فعل أو إيجابه بعد موته، أو دل عليه مطلقًا ولم يعمل به إلا بعد موته، ككتاب الصدقة الذي أخرجه أبو بكر رضي الله عنه، فإذا عمل أحد ذلك العمل بعد موته صح أن يسمى بدعة في اللغة، لأنه عمل مبتدأ، كما أن نفس الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم يسمى بدعة ويسمى محدثًا في اللغة، كما قالت رسل قريش للنجاشي عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين إلى الحبشة: إن هؤلاء خرجوا من دين آبائهم ولم يدخلوا في دين الملك وجاؤوا بدين محدث لا يعرف.
ثم ذلك العمل الذي يدل عليه الكتاب والسنة ليس بدعة في الشريعة، إن سمي بدعة في اللغة، فلفظ (البدعة) في اللغة أعم من لفظ (البدعة) في الشريعة.
وقد علم أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة) لم يرد به كل عمل مبتدأ في دين الإسلام، بل كل دين جاءت به الرسل فهو عمل مبتدأ، وإنما أراد ما ابتدئ من الأعمال التي لم يشرعها هو صلى الله عليه وسلم.

ابن حجر العسقلاني:
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح": والبدعة أصلها ما أحدث على غير مثال سابق، وتطلق في الشرع في مقابل السنة فتكون مذمومة، والتحقيق أنها إن كانت مما تندرج تحت مستحسن في الشرع فهي حسنة، وإن كانت مما تندرج تحت مستقبح في الشرع فهي مستقبحة، وإلا فهي من قسم المباح، وقد تنقسم إلى الأحكام الخمسة
فتح الباري

الصنعاني:
قال الشيخ محمد بن إسماعيل الصنعاني في "سبل السلام" في شرح قوله: (كل بدعة ضلالة): البدعة لغة: ما عمل على غير مثال سابق، والمراد بها هنا ما عمل من دون أن يسبق له شرعية من كتاب ولا سنة. وقد قسم العلماء البدعة على خمسة أقسام: واجبة كحفظ العلوم بالتدوين والرد على الملاحدة بإقامة الأدلة، ومندوبة كبناء المدارس، ومباحة كالتوسعة في ألوان الأطعمة وفاخر الثياب، ومحرمة ومكروهة وهما ظاهران.
فقوله: (كل بدعة ضلالة) عام مخصوص.

اللكنوي:
وقد لخص الإمام أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي كلام أئمة السلف وموقفهم من هذا الحديث في قولين، فقال: اختلف العلماء في هذا الباب على قولين:
الأول: أن حديث (كل بدعة ضلالة) عام مخصوص البعض، والمراد به البدعة السيئة، وقسموا البدعة إلى واجبة ومندوبة ومكروهة ومحرمة ومباحة، وهو الذي رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" عن الإمام الشافعي، أنه قال: المحدثات في الأمور ضربان:
أحدهما: ما أحدث مما خالف كتابًا أو سنة، أو أثرًا أو إجماعًا، فهذه البدعة في الضلالة.
وثانيهما: ما أحدث من الخير، وهذه غير مذمومة، وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان: نعمت البدعة هذه، ويعني أنها محدثة لم تكن.
وبه صرح الشيخ عز الدين بن عبد السلام في كتاب"القواعد" والنووي في "تهذيب الأسماء واللغات" وعلي القاري في "شرح المشكاة" وابن ملك في "مبارق الأزهار شرح مشارق الأنوار" والسيوطي في رسالته "حسن المقصد في عمل المولد" ورسالته" المصابيح في صلاة التراويح" والقسطلاني في "إرشاد الساري شرح صحيح البخاري" والزرقاني في "شرح الموطأ" والحافظ أبو شامة في كتابه "الباعث على إنكار البدع والحوادث" والحلبي في "إنسان العيون في سيرة النبي المأمون" وغيرهم، فعلى هذا القول البدعة التي هي ضد السنة هي البدعة المكروهة والمحرمة، وأما ما سواهما من البدعات فلا تكون سيئة.
والقول الثاني: وهو الأصح بالنظر الدقيق أن حديث (كل بدعة ضلالة) باق على عمومه، وأما المراد به البدعة الشرعية، وهي ما لم يوجد في القرون المشهود لهم بالخير ولم يوجد له أصل من الأصول الشرعية، ومن المعلوم أن كل ما كان على هذه الصفة فهو ضلالة قطعًا، وإلى هذا القول مال السيد السند في "شرح المشكاة" والحافظ ابن حجر في "هدي الساري مقدمة فتح الباري" وفي "فتح الباري" وابن حجر الهيتمي الملكي في "الفتح المبين بشرح الأربعين" وغيرهم.
هذا وقد نقل العلماء والمحدثون والحفاظ في كتبهم هذا الفهم للحديث الشريف، واعتبروه حجة مرضية وطريقة شرعية معتمدة يرضاها كل ذي عقل سليم وفهم قويم.
ومن أولئك، الشيخ أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم أبادي الذي نقل كلام ابن رجب في كتابه "عون المعبود شرح سنن أبي داود".
ومنهم الشيخ أبو العلى محمد بعد الرحمن المباركفوري الذي نقل كلام ابن رجب في كتابه "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي".
ومنهم، الشيخ خليل أحمد السهارنفوري الذي نقل كلام الخطابي في كتابه"بذل المجهود في حل أبي داود".

الشوكاني:
أما الإمام محمد بن علي الشوكاني فقد نقل في كتابه "نيل الأوطار" في شرح حديث صلاة التراويح عن قول سيدنا عمر: نعمت البدعة هذه...قال بمثل كلام ابن حجر في تقسيم البدعة ولم يعترضه بشيء.

ابن العربي:
قال الإمام الحافظ القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي المالكي: اعلموا – علمكم الله - أن المحدث على قسمين، محدث ليس له أصل إلا الشهوة والعمل بمقتضى الإرادة، فهذا باطل قطعًا، ومحدث بحمل النظير فهذه سنة الخلفاء والأئمة الفضلاء، وليس المحدث والبدعة مذمومًا للفظ محدث وبدعة ولا لمعناها، فقد قال الله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2].
وقال عمر: نعمت البدعة هذه، وإنما يذم من البدعة ما خالف السنة، ويذم من المحدثات ما دعا إلى ضلالة.

الباجي:
قال الإمام القاضي أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي في شرح حديث التراويح عن قول سيدنا عمر: نعمت البدعة : وهذا القول تصريح من عمر رضي الله عنه بأنه أول من جمع الناس على قيام رمضان على إمام واحد بقصد الصلاة بهم، ورتب ذلك في المساجد ترتيبًا مستقرًا، لأن البدعة هو ما ابتدأ فعله المبتدع دون أن يتقدمه إليه غيره، فابتدعه عمر وتابعه عليه الصحابة والناس إلى هلمّ جرّا.
وهذا أبين في صحة القول بالرأي والاجتهاد، وإنما وصفها بنعمت البدعة لما فيها من وجوه المصالح التي ذكرناها.

الزرقاني:
قال العلامة الفقيه الشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني في "شرح الموطأ" عند قول سيدنا عمر: (نعمت البدعة هذه): وصفها بنعمت لأن أصل اللغة سنة وإنما البدعة الممنوعة خلاف السنة، وقال ابن عمر في صلاة الضحى: نعمت البدعة، وقال تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ} [الحديد: 27].
وأما ابتداع الأشياء من عمل الدنيا فمباح، قاله ابن عبد البر، وقال الباجي: (نعمت) بالتاء على مذهب البصريين، لأن نِعْمَ فعلٌ لا يتصل به إلا التاء، وفي نسخ (نعمه) بالهاء وذلك على أصول الكوفيين، وهذا تصريح منه بأنه أول من جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد، لأن البدعة ما ابتدأ بفعلها المبتدع ولم يتقدمه غيره، فابتدعه عمر وتابعه الصحابة والناس إلى هلمّ جرّا، وهذا يبين صحة القول بالرأي والاجتهاد انتهى، فسماها بدعة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يسن الاجتماع لها ولا كانت في زمان الصديق، وهي لغة: ما أحدث على غير مثال سبق، وتطلق شرعًا على مقابل السنة، وهي ما لم تكن في عهده صلى الله عليه وسلم، ثم تنقسم إلى الأحكام الخمسة.
وحديث: (كل بدعة ضلالة) عام مخصوص، وقد رغب فيها عمر نعمت البدعة، وهي كلمة تجمع المحاسن كلها كما أن بئس تجمع المساوئ كلها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (اقتدوا بالذين من بعدي، أبي بكر وعمر) وإذا أجمع الصحابة على ذلك مع عمر زال اسم البدعة.

المصدر الأول لتقسيم البدعة
المشرع الأعظم هو المرجح:
اعلم أن المشرع الأعظم وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو المصدر الأول في تقسيم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة، أو قُلْ: بدعة مقبولة وبدعة مردودة، أو قُلْ: بدعة شرعية وبدعة لغوية، أو قُل: بدعة دينية وبدعة دنيوية، وذلك من قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من سن سنة حسنة له أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) ففي هذا الحديث تقسيم للأمر المبتدأ من غير مثال إلى مردود ومقبول.
وهو يشرع ابتداء الخير في أيّ عصر وقع دون قصر على أهل قرن بعينه فقصره على محدث الخلفاء الراشدين والصحابة والتابعين هو تقييد للحديث بدون دليل.
وقد قبل الناس ما جدّ بعد عهد الخلفاء الراشدين وعصر الصحابة من تشكيل آيات القرآن ونقط حروفه، وتنظيم الأجزاء والأرباع والسجدات، ووضع العلامات على كل عشر آيات، وعدّ سورة القرآن، وترقيم آياته، وبيان المكي والمدني في رأس كل سورة، ووضع العلامات التي تبين الوقف الجائز والممنوع، وبعض أحكام التجويد كالإدغام والتنوين ونحوها من سائر الاصطلاحات التي وضعت في المصاحف، وكذلك قبل الناس تدوين علوم اللغة وأصول الفقه وأصول الدين، وسائر العلوم الخادمة للشريعة.
فكل هذه الأمور وقعت بعد عهده صلى الله عليه وسلم يجعلها أحد من محدثات وبدع الضلالة، ولم يقل أحد إن حديث (كل بدعة ضلالة) يشملها بل عدوا ذلك من المستحسنات، لأنها لا تصادم نصًا ولا شيئًا من أسس التشريع، وتتحقق بها مصلحة مفيدة وهي المحافظة على تيسير تلاوة القرآن وحفظه وحسن ترتيله ومعرفة بعض الأحكام، وذلك من الضروريات التي ترجع إلى حفظ الدين فأصبحت مندرجة تحت تشريع عام يستحسنها، وكل ما كان من هذا القبيل فإنه غير مذموم، وإطلاق البدعة عليه إطلاق لغوي، فإن عللوا قبول ذلك لاندراجه تحت الأصول الشرعية، فكذلك الجمهور إنما جعلوا القسم المقبول من المحدث هو المندرج تحت أصل تشريعي، وهو المصلحة المناسبة بشرط أن لا تصدم المصلحة نصًا، ولا تصادم سنةً حسَّنَها الشرع، ولا تندرج تحت حكمٍ قبَّحه الشرع.
والأصول الشرعية ليست قاصرة عند جمهور العلماء على النصوص، بل تشمل جميع الطرق والأصول التي استنبطها العلماء من نصوص الشارع وتصرفاته، كما وضحناه من قبل.
ومحال أن يتناقض كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقرر تارة أن كل محدث بدعة، وكل بدعة ضلالة، هكذا بالإطلاق الكلي الواسع، ثم يأتي فيقرر تارة أخرى أنه – يعني هذا المحدث- يدور بين الحسن والقبح أو بين سنة حسنة وسنة سيئة.
والمخرج هو أن يكون لكل من الحديثين محمل، ولما كان للمحدث والبدعة معنى خاص شرعي ومعنى عام لغوي، فالبِدعة بلسان الشرع تطلق على كل محدث يخالف النصوص والأصول الشرعية، ولم يكن مستندًا إلى عمل القرون الثلاثة وجب عقلاً ونقلاً أن يحمل حديث: (كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) على هذا الاستعمال الشرعي وكُلِيّتُها في الحديث إنما هو بحسب معناها الخاص الذي استعمله الشرع فيها، وهو كل محدث بعد القرون الثلاثة يصادم النصوص أو الأصول الشرعية.
أما المحدث والبدعة بمعناها اللغوي العام من الابتداع بمعنى الإحداث، ففي كل أمر مبتدأ من غير مثال سابق، وعلى هذا المعنى اللغوي العام يجب أن يحمل حديث: (من سنّ سُنة حَسنه.. ومن سنَّ سنة سيئة) ويشمل هذا المعنى اللغوي بدعة الضلالة السابقة والبدعة المقبولة، وهي الأمر المبتدأ الذي لا يصادم نصًا ولا أصلاً شرعيًا، ويتحقق بها مصلحة مناسبة للتشريع، وهذا القسم ليس من المحدث المذموم ولو وقع بعد العهود الثلاثة الأولى، ولا خارج عن الشرع ولا عن أمره صلى الله عليه وسلم ولا عن طريقته وسنته ومنهج تشريعه، فلا يشملها حديث (كل مُحدثة بدعة، وكُل بِدعة ضلالة) ولا حديث (من أحدث في أمرِنا هذا ما ليس منه فهُو رد)، وإنما يشملها حديث (من سن سنة في الإسلام حسنة)، وهكذا يحمل الحديث (كل بدعة ضلالة) على الاستعمال الشرعي، وهو المحدث الذي يعارض النصوص والأصول الشرعية كما يحمل حديث: (من سن سنة حسنة... الخ) على الاستعمال اللغوي العام الذي يشمل ما يعارض النصوص والأصول فيكون مذمومًا، كما يشمل ما لا يعارضها فيكون مقبولاً.
ووضع الضوابط والجمع بين المخالفات هو مهمة العلماء الذين يدركون ما يقولون، ولقد بين الإمام الشافعي الضابط الذي يميز كل قسم عن الآخر، فجعل الشيء ما خالف النصوص والأصول، والحسن ما لم يعارض شيئًا من ذلك.
وبهذا البيان يظهر لنا أن تقسيم البدعة والمحدث إلى حسن وسيء هو تقسيم لهما بالإطلاق اللغوي لا الشرعي، فيصبح من التكلف عناء الإنكار للتقسيم لتوهم أن المقسم هو البدعة والمحدث بالاصطلاح الشرعي الذي ورد في حديث: (كل بدعة ضلالة).
بينما هم قسموا البدعة بإطلاقها اللغوي، وأبقوا البدعة الشرعية على عمومها من كل ما يسميه الشرع محدثًا وبدعة باصطلاحه وعُرفه، وهو المخالف للنصوص والأصول الشرعية.
فالمتوهمون أن التقسيم كان للبدعة الشرعية هو من باب إدارة معركة في الهواء بتخيل معركة بين فريقين في البدعة الشرعية، رغم أن الاتفاق تام وقائم بلا خلاف على عدم تقسيمها، كما أن الاتفاق تام وقائم على تقسيم البدعة اللغوية إلى ما تقدم ذكره، حتى مَن لم يُقرّه بهذه الكيفية فإنه مضطر إلى القول به مُنساق بالضرورة إلى اعتباره واستعماله شاء أم أبى، لكنه قد يُحتار في تسميته فتراه يتخبط هنا وهنا بحثًا عن الألفاظ التي يتم بها الخروج من المأزق، ويكفي أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو البادئ في التقسيم (من سن سنة حسنه.. ومن سن سنة سيئة) فالتهويش بالكلية الواردة في حديث: (كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) هو من باب تضليل الناس بأن الحديث وارد في البدعة مطلقًا لصرف نظرهم عن استعمالها في الحديث بالاستعمال الشرعي الذي يُطلق شرعاً على ما يُصادم أصول التشريع، وتلك هي بدعة الضلالة التي أصبحت حقيقة شرعية فيما يصادم النصوص والأصول، وهي مذمومة كلها بحسب ما استعملت فيه شرعًا، أي أن الكلية سارية على كل محدث مما يسمى بلسان الشرع محدثًا، ومن حَكم على المقبول من البدعة اللغوية بأنها سنَّة حسنة فقد اقتدى برسول الله صلى الله عليه وسلم في ال
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://saydatar.ahlamontada.com
سيداحمدالعطار
خـا د م الـمـنـتـد ى
سيداحمدالعطار


عدد المساهمات : 904
تاريخ التسجيل : 11/12/2011
العمر : 61

جواز الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: جواز الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم   جواز الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم I_icon_minitimeالثلاثاء 31 يوليو 2012, 5:53 am

تـــــــــــــــكملة الموضوع

وهذا كلام لابن رجب عن يوم وفاته في وظائف ربيع:

((واختلفوا في تعيين ذلك اليوم من الشهر فقيل : كان أوله و قيل : ثانية و قيل ثاني عشرة و قيل : ثالث عشرة و قيل : خامس عشرة و المشهور بين الناس : إنه كان ثاني عشر ربيع الأول و قد رد ذلك السهيلي و غيره بأن وقفة حجة الوداع في السنة العاشرة كانت الجمعة كان أول ذي الحجة فيها الخميس و متى كان كذلك لم يصح أن يكون يوم الإثنين ثاني عشر ربيع الأول سواء حسبت الشهور الثلاثة أعني : ذا الحجة و محرما و صفرا كلها كاملة أو ناقصة أو بعضها كاملة و بعضها ناقصة و لكن أجيب عن هذا بجواب حسن و هو أن ابن اسحاق ذكر أن النبي صلى الله عليه و سلم توفي لاثنتي عشرة ليلة من ربيع الأول و هذا ممكن فإن العرب تؤرخ بالليالي دون الأيام و لكن لا تؤرخ إلا بليلة مضى يومها فيكون اليوم تبعا لليلة و كل ليلة لم يمض يومها لم يعتد بها كذلك إذا ذكروا الليالي في عدد فإنهم يريدون بها الليالي مع أيامها فإذا قالوا عشر ليال فمرادهم بأيامها و من هنا يتبين صحة قول الجمهور في أن عدة الوفاة أربعة أشهر و عشر ليال بأيامها و أن اليوم العاشر من جملة تمام العدة خلافا للأوزاعي و كذلك قال الجمهور في أشهر الحج : إنها شوال و ذو القعدة وعشر من ذي الحجة و أن يوم النحر داخل فيها لهذا المعنى خلافا للشافعي وحينئذ فيوم الإثنين الذي توفي فيه النبي صلى الله عليه و سلم كان : ثالث عشر الشهر لكن لما لم يكن يومه قد مضى لم يؤرخ بليلته إنما أرخوا بليلة الأحد و يومها و هو الثاني عشر فلذلك قال ابن إسحاق توفي لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول و الله أعلم))

11-قال بعضهم: مولد النبي مختلف فيه، والظن أنه التاسع، فكيف تحتفلون بيوم 12 ربيع مع أنكم لا تجزمون بأن مولد الهادي فيه ؟
الجواب
هذا قد ذكره أهل العلم لكن المشهور هو 12 ربيع، وعلى تقدير حصول الخلاف فلا ضير ولا مانع من الاحتفال، ولو كان جهل اليوم بالتحديد مانعا من الاحتفال به أو صومه ورافعا لفضله لوجب مثل ذلك في ليلة القدر فإن النبي خرج يخبر أصحابه بها فتلاحا رجلان فرفعت فقال النبي فالتمسوها في العشر الأخير من رمضان، ولم يكن جهلها بالتحديد بمانع من إحيائها، بل إن جهلها بالتحديد يستدعي إحياء العشر كله لنيل بركتها فلو فرضنا أن يوم مولده مختلف فيه هل هو 2 أو 8 أو 12 ربيع فالقياس والفقه يقتضي إحياء هذه الليالي كلها لا تركها كلية، فمن أين يأتينا الفقه المعوج القائل بأن جهل اليوم الذي ولد فيه النبي بالتحديد ينفي فضله الثابت بقوله (ذاك يوم ولدت فيه)؟؟!!!! كل يوم اثنين فهو مبارك يذكرنا بمولده وكل عشر أول من ربيع يذكرنا به كذلك فإذا اتفق الاسم والعدد والشهر كان ذلك غاية المطلوب وأحبه إلى القلوب وأقرب إلى نيل المرغوب.
ولكن الذي استقر عليه الجمهور واعتمدوه وعملوا به إلى يومنا هذا هو(لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأوَّل عام الفيل ) .
وإليك تأكيد "بعض" الأقوال من الأئمَّة :
* قال الحافظ الكبير صاحب التصانيف العظيمة في الحديث والرجال أبو الحاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي البستي رحمه الله في كتابه(كتاب السيرة النبوية وأخبار الخلفاء ) ص7 مانصه:
[ قال أبو حاتم : ولد النبي صلى الله عليه و سلم عام الفيل يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول ]. انتهى
* وقال الإمام الحافظ ابن سيد الناس رحمه الله في كتابه (عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير) ج1ص38 ما نصه:
[ وولد سيدنا ونبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الاول عام الفيل قيل بعد الفيل بخمسين يوما]. انتهى
*وقال الإمام السهيلي رحمه الله في كتابه( الروض الأنف ) ج1 ص300 ما نصه:
[ ـ ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ: قال حدثنا أبو محمد عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال:ولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين ، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول عام الفيل ].
والذي يظهر هنا أن الإمام السهيلي رحمه الله يُرجّح ما قاله ابن إسحاق رحمه لذكره له دون معارضة أو ذكر لمعارض.
*وقال الإمام محمد بن يوسف الصالحي رحمه الله في كتابه
(سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد )‍ج1 ص334 ـ 336 ما نصه:
[ قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى: لاثنتي عشرة ليلة خلت منه ـ أي من ربيع الأول ـ ورواه ابن أبي شيبة في المصنف عن جابر وابن عباس. قال في الغرر: وهو الذي عليه العمل ]. انتهى
والذي يظهر هنا أن الإمام الصالحي رحمه الله يُرجّح ما قاله ابن إسحاق رحمه الله؛ إذ أنه ذكر قولَه أولاً ثم نقل قول صاحب ( الغرر ) الذي يقول: وهو الذي عليه العمل؛ وكأنه أراد تأكيد ما ذهب إليه ابن إسحاق وترجّح له. فتأمَّل
*وقال الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه ( لطائف المعارف ) ص137 بعد ذكره إختلاف الأقوال ما نصه:
[ والمشهور الذي عليه الجمهور أنه ولد يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول، وهو قول ابن إسحاق وغيره ].انتهى
*وقال الإمام الفقيه أبي زكريا عماد الدين العامري رحمه الله المتوفى سنة893هـ في كتابه
(بهجة المحافل وبُغية الأماثل في تلخيص المعجزات والسير والشمائل )ج1ص51 بعد ذكره إختلاف الأقوال ما نصه:
[واتفقوا على أنه صلى الله عليه وآله وسلّم ولد يوم الإثنين. قال الأكثرون: في شهر ربيع الأول. ........، وقيل لثنتي عشرة وهو أشهرها .... ].
*وقال الإمام علي بن برهان الدين الحلبي رحمه الله في سيرته( السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون؛ المُسمى بـ" إنسان العيون " ) ج1ص93 قبل ذكر الخلاف وترجيحه ما نصه:
[ وذكر الزبير بن بكار والحافظ ابن عساكر ...... وعن سعيد بن المسيب { ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إبهار النهار } أي وسطه { وكان ذلك اليوم لمضي اثنى عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول } أي وكان ذلك في فصل الربيع ...... قال: وحكى الإجماع عليه وعليه العمل الآن، أي في الأمصار خصوصاً أهل مكة في زيارتهم موضع مولده صلى الله عليه وسلم..] انتهى
*قال الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله في كتابه (السيرة النبوية)ج1ص304 مانصه:
[ عن جابر وابن عباس أنهما قالا : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل يوم الاثنين الثانى عشر من شهر ربيع الاول وفيه بعث وفيه عرج به إلى السماء ، وفيه هاجر وفيه مات . وهذا هو المشهور عند الجمهور والله أعلم ].
و قد استقر الأمر عند الجمهور واشتهر وانتشر وعليه العمد والعمل إلى يومنا هذا أنه في الثاني عشر من شهر ربيع الأول كما ذكر الحفاظ والأئمة ابن كثير و ابن رجب وابن سيد الناس و العامري والسهيلي .. وغيرهم
فهل يصح أن نُخطِّئ ونُبدِّع الحافظ ابن كثير وابن رجب والسهيلي والعامري وابن سيد الناس، ونَقول لهم: كذبتم؛ لم يقل هذا الجمهور؟؟!!
إذاً المسألة شأنها كشأن كثير من المسائل المُختلف فيها؛ سواء كانت فقهية أو حديثيَّة أو تاريخيَّة أو غير ذلك، وكل يعمل بمقتضى ما ترجَّح له في كل مسألة؛ ؟؟
وبالتالي إن اتخاذ هذا الاختلاف في مسألة الاحتفال بالمولد كحُجّة في تحريم وتبديع المولد!
هي حُجَّة ساقطة لا تقوم لها قائمة؛ لأنها مسألة اجتهادية، لا يجوز أن يُلزم الشخص ويوجب على الناس ويُجبرهم بما ترجَّح لديه .
و من أدلة المولد الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ايضاً
الأول : أنه تعبير عن الفرح والسرور بالمصطفى صلى الله عليه وسلم وقد انتفع به الكافر ولقد استدل الحافظ ابن حجر بما جاء في البخاري 9/146-3184، فتح الباري ج: 9 ص: 145

وذكر السهيلي أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال : لما مات أبو لهب رأيته في منامي بعد حول في شر حال فقال ما لقيت بعدكم راحة الا أن العذاب يخفف عني كل يوم اثنين قال وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد يوم الإثنين وكانت ثويبة بشرت أبا لهب بمولده فاعتقها .

ويقول في ذلك الحافظ شمس الدين محمد الدمشقي :
إذا كان هذا الكافـــــر جـــاء ذمه
بتبـت يداه في الجحيم مخلــدا
أتى أنه في يوم الاثنيـــن دائمــــاً
يخفف عنه للســرور بأحمــدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره
بأحمد مسرورا ومات موحدا

الثاني : أنه صلى الله عليه وسلم كان يعظم يوم مولده ، ويشكر الله تعالى فيه على نعمته الكبرى عليه ، وتفضله عليه بالوجود لهذا الوجود ، إذ سعد به كل موجود ، وكان يعبر عن ذلك التعظيم بالصيام كما جاء في حديث أبي قتادة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين ؟ فقال : (( فيه ولدت ، وفيه أُنزل عليَّ )) . رواه الامام مسلم في الصحيح في كتاب الصيام ..

الثالث :أن الفرح به صلى الله عليه وسلم مطلوب بأمر من القرآن من قوله تعالى : () قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ )) (يونس:58) فالله تعالى أمرنا أن نفرح بالرحمة والنبي صلى الله عليه وسلم أعظم رحمة قال الله تعالى : () وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )) (الانبياء:107) ..

الرابع :أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلاحظ ارتباط الزمان بالحوادث الدينية العظمى التي مضت وانقضت ، فإذا جاء الزمان الذي وقعت فيه كان فرصة لنذكرها ، وتعظيم يومها ، لأجلها ولأنه ظرف لها .
وقد أصل صلى الله عليه وسلم هذه القاعدة بنفسه كما صرح البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم :" لما وصل إلى المدينة ورأى اليهود يصومون يوم عاشوراء سأل عن ذلك فقيل له : أنهم يصومون لأن الله نجى نبيهم وأغرق عدوهم فهم يصومونه شكراً لله على هذه النعمة فقال صلى الله عليه وسلم : نحن أولى بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه " وقد كان الحافظ ابن حجر أول من استدل على هذا الحديث في جواز المولد النبوي ولا يمكن لأي مسلم كائناً من كان أن يقدح في عقيدة الحافظ ابن حجر ..

الخامس : أن الاحتفال بالمولد لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم فهو بدعة ولكنها حسنة لا ندرجها تحت الأدلة الشرعية والقواعد الكلية ، فهي بدعة باعتبار هيئتها الاجتماعية ، لا باعتبار أفرادها لوجود أفرادها في العهد النبوي ..

السادس : أن المولد الشريف يبعث على الصلاة والسلام بقوله تعالى : (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً )) (الأحزاب:56)
وما كان يبعث على المطلوب شرعاً فهو مطلوب شرعاً ، فكم للصلاة عليه من فوائد نبوية وامدادات محمدية ومنها :
1-امتثال أمر الله سبحانه وتعالى.
2-موافقته سبحانه وتعالى في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وإن اختلفتالصلاتان فصلاتنا عليه دعاء وسؤال وصلاة الله تعالى عليه ثناء وتشريف .
3-موافقة ملائكته فيها فقد قال صلى الله عليه وسلم:" من صلى عليّ في كتابلم تزل الملائكة يستغفرون له ما دام اسمي في ذلك الكتاب"
4-حصول عشر صلوات من الله على المصلي مرة .
5-أنه يرفع له عشر درجات ويكتب له عشر حسنات ويمحى عنه عشر سيئات .
6-ويرجى إجابة دعائه .
7-أنها سبب لشفاعته صلى الله عليه وسلم إذا قرنها بسؤال الوسيلة له أوأفرادها.
8-أنها سبب لغفران الذنوب وكفاية الله العبد ما أهمه .
9-أنها سبب لقرب العبد منه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ، قال صلى الله عليه وسلم : " إن أولى الناس بي أكثرهم علي صلاة "
10-أنها تقوم مقام الصدقة لذي العسرة وهي سبب لقضاء الحوائج .
11- أنها زكاة للمصلي وطهارة له .
12- أنها سبب لتبشير العبد بالجنة قبل موته .
13- أنها سبب للنجاة من أهوال يوم القيامة .
14- أنها سبب لرد النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة والسلام على المصلي والمسلم عليه .
15- أنها سبب لطيب المجلس وأن لا يعود حسرة على أهله يوم القيامة.
16- أنها سبب لتذكرة العبد ما نسيه ونفي الفقر وتنفي عن العبد اسم البخل .
17- نجاته من الدعاء عليه برغم الأنف إذا تركها عند ذكره صلى الله عليه وسلم .
18- أنها ترمي صاحبها على طريق الجنة وتخطئ بتاركها عن طريقها.
19- أنها تنجي من نتن المجلس الذي لا يذكر فيه الله ورسوله ويحمد ويثنى عليه فيه ويصلي على رسوله صلى الله عليه وسلم .
20- أنها سبب لتمام الكلام الذي ابتدئ بحمد الله والصلاة على رسوله .
21- أنها سبب لوفور نور العبد على الصراط .
22- أنه يخرج بها العبد عن الجفاء .
23- أنها سبب لإبقاء الله سبحانه وتعالى الثناء الحسن للمصلي عليه بين أهل السماء والأرض .
24- أنها سبب للبركة في ذات المصلي وعمله وعمره وأسباب مصالحه.
25- أنها سبب لنيل رحمة الله له .
26- أنها سبب لدوام محبته للرسول صلى الله عليه وسلم وزيادتها وتضاعفها وذلك عقد من عقود الإيمان التي لا يتم الإيمان إلا بها .
27- أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم سبب لمحبته للعبد.
28- أنها سبب لهداية العبد وحياة قلبه .
29- أنها سب لعرض اسم المصلي عليه صلى الله عليه وسلم وذكره عنده .
30- أنها سبب لتثبيت القدم على الصراط والجواز عليه .
31- أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم أداء لأقل القليل من حقه وشكر له على نعمته التي أنعم الله بها علينا .
32-أنها متضمنة لذكر الله وشكره ومعرفة انعامه على عبيده بإرساله .

السابع : أن المولد الشريف ، يشمل على ذكر مولده الشريف ومعجزاته وسيرته والتعريف به ، أولسنا مأمورين بمعرفته ومطالبين بالاقتداء به . والتأسي بأعماله والإيمان بمعجزاته والتصديق بآياته وكتب المولد تؤدي هذا المعنى تمامًا .
الثامن : التعرض لمكافأته بأداء بعض ما يجب له علينا ببيان أوصافه الكاملة وأخلاقه الفاضلة ، وقد كان الشعراء يفدون إليه صلى الله عليه وسلم بالقصائد ويرضى عملهم ، ويجزيهم على ذلك بالطيبات والصلاة ، فإذا كان يرضى عمن مدحه شعراً ، فكيف لا يرضى عمن جمع شمائله الشريفة ، ففي ذلك التقرب له عليه السلام ، باستجلاب محبته ورضاه ، وقد ذكر الحافظ ابن سيد الناس في كتابه منح المدح مائة وبضع وسبعين من الصحابة مدحوا ورثوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبيات غاية في الروعة ومنها ماهو مشهور ... كهذا البيت :
وإن الرسول لنور يستضاء بــه ... مهند من سيوف الله مسلول
روى الطبراني بسند صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قفل من تبوك - يعني وهو عائد من تبوك - قال له عمه العباس : يارسول الله أأذن لى أن امتدحك فقال له رسول الله : " قل لا يفضض الله فاك ياعم " فلم تسقط أسنانه حتى مات فأنشد ..
من قبلها طبت في الظـــلال
وفي مستودع حيث يأفك الورق
ثم هبطت البلاد لا بشر أنت
ولا نطفه ولا مضغـــــه ولا علـق
نطفــــــه تركب السفينــــة
وقد الجم نســر وأهله الغـــرق
حتى احتوى بيتك المهيمــن
من جلدت علــيّ دونها النطــــق
وأنت لمـــا ولدت أشرقــــت
الأرض وضاءت بنــورك الأفــق
فنحن في ذلك النــور وذلك
الضياء سبل الرشـــاد نختـــرق

[1706] وروى الشافعي أن عمر بن الخطاب في عهده دخل المسجد فوجد حسان بن ثابت ينشد الشعر في مدح الرسول .. فقال : حسان أشعر في مسجد رسول الله ؟ فقال : لقد أنشدته عند من هو خير منك ياعمر .. ثم التفت إلى أبو هريرة وقال : أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم أيده بروح القدس .. فقال: نعم ، فقال:فاتخذوا لحسان منبر في المسجد ينشد الشعر في مدح رسول الله " هذا دليل على أن الصحابه مدحوا رسول الله بعد وفاته ، واعتراض سيدنا عمر على الشعر لم يكن اعتراضاً على مدح رسول الله أو على الشعر إنما كان اعتراضاً على المكان الذي يُنشد فيه ، ألا وهو المسجد .. والله أعلم .

[2\192] من الطبقات الكبرى للزهري عن بكر بن عبد الله قال : قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم : (( حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم فإذا أنا مت كانت وفاتي خيراً لكم تعرض علي أعمالكم فإذا رأيت خيراً حمدت الله وإن رأيت شراً استغفرت الله لكم )) ..

التاسع : أن معرفة شمائله ومعجزاته وارهاصاته تستدعي كمال الإيمان به عليه الصلاة والسلام وزيادة المحبة ، إذ الإنسان مطبوع على حب الجميل ، خَلقَاً وخُلُقاً ، علماً وعملاً ، حالاً واعتقاداً ولا أجمل ولا أكمل ولا أفضل من أخلاقه وشمائله صلى الله عليه وسلم ، وزيادة المحبة وكمال الإيمان مطلوبان شرعاً فما كان يستدعيهما مطلوب كذلك .

العاشر : أن تعظيمه صلى الله عليه وسلم مشروع ، والفرح بيوم ميلاده الشريف بإظهار السرور ووضع الولائم والاجتماع للذكر وإكرام الفقراء من أظهر مظاهر التعظيم والابتهاج والفرح والشكر لله ، بما هدانا لدينه القويم ، وما من به علينا من بعثه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ..

الحادي عشر :يُؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم في فضل يوم الجمعة ، وعد مزاياه ، وفيه خلق آدم تشريف الزمان الذي ثبت أنه ميلاد لأي نبي كان من الأنبياء عليهم السلام فكيف باليوم الذي ولد فيه أفضل النبيين والمرسلين .
ولا يختص هذا التعظيم بذلك اليوم بعينه بل يكون له خصوصاً ولنوعه عموماً مهما تكرر كما هو الحال في يوم الجمعة ، شكراً للنعمة وإظهاراً لمزية النبوة وكما يُؤخذ تعظيم المكان الذي ولد فيه نبي من أمر جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة ركعتين ببيت لحم ثم قال له : أتدري أين صليت ؟ قال : لا ، قال : صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى وفيه اتباع لما جاء في القرآن من ذكر قصص ميلاد عدد من الأنبياء عليهم السلام ، كقصة مولد سيدنا موسى ويحيي وعيسى ومريم عليهم الصلاة والسلام جميعاً .... وهل يتأتى أن يذكر مولد هؤلاء الأنبياء وغيرهم ولا نذكر نحن مولد أفضل الأنبياء عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ؟؟؟ وليس في هذا تشبه باليهود والنصارى كما يقول بعض المعارضين .... !!!!

الثاني عشر : أن المولد أمر يستحسنه العلماء والمسلمون في جميع البلاد ، وجرى به العمل في كل صقع فهو مطلوب شرعاً للقاعدة المأخوذة من حديث ابن مسعود الموقوف : (( ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن ومارآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح )) أخرجه أحمد

الثالث عشر :أن المولد اجتماع ذكروصدقه ومدح وتعظيم للجناب النبوي فهو سنة ، وهذه أمور مطلوبة شرعاً وممدوحة ، وجاءت الآثار الصحيحة بها وبالحث عليها .
أن الله تعالى قال : (( وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ )) (هود: من الآية120)
يظهر منه أن الحكمة في قص أنباء الرسل عليهم السلام تثبيت فؤاده الشريف بذلك ولا شك أننا اليوم نحتاج إلى تثبيت أفئدتنا بأنبائه وأخباره أشد من احتياجاته هو صلى الله عليه وسلم .
الرابع عشر: أن الاحتفال بالمولد إحياء لذكرى المصطفى صلى الله عليه وسلم وذلك مشروع في الإسلام ، فأنت ترى أن أكثرأعمال الحج إنما هي إحياء لذكريات مشهودة ومواقف محمودة فالسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار والذبح بمنى كلها حوادث ماضية سابقة ، يحي المسلمون ذكراها بتجديد صورتها في الواقع .

الخامس عشر: كل ما ذكرنا سابقاً من الوجوه في مشروعية المولد إنما هو في المولد الذي خلا من المنكرات المذمومة التي يجب الانكار عليها ،أما إذا اشتمل المولد على شئ مما يجب الانكارعليه كاختلاط الرجال بالنساء وارتكاب المحرمات وكثرة الإسراف مما لا يرضى به صاحب المولد الشريف صلى الله عليه وسلم فهذا لاشك فيه من المحرمات لكن تحريمه حينئذ يكون عارضياً لا ذاتياً كما لا يخفى على من تأمل ذلك .

السادس عشر : قال الحبيب محمد سعيد البيض من دولة كينيا بأفريقيا :
قال الإمام الفارض : ألا كل مدح للنبي مقصراً **** وإن بالغ المثني عليه وأكثرا
إن الله سبحانه تعالى مدح رسوله في كتابه العظيم بالخلق العظيم وبالأوصاف العظيمة فالقرآن كله مدح للرسول العظيم كما قال الشاعر : قرآن ربك كله **** بك يحتف ويمجد
وما من سورة وآية إلا ومدحت رسول الله صلى الله عليه وسلم فـ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ) فيها أعظم مدح فإن الله سبحانه وتعالى ذمه بسبب رسوله صلى الله عليه وسلم فإذا قام الرجل يدافع عنك بكل قوة وبصراحة فهل مدحك أو ذمك فالله سبحانه وتعالى مدحه بأعظم مدحه ، فإن الله جل جلاله قام بذم عمه تشريفاً لمقامه صلى الله عليه وسلم ..
وأما ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) فإذا قيل لك أمام الجم الغفير قل لهم يفعل كذا فهو يمدحك ..
وكذلك ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ) و( وَالضُّحَى ، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى) والغريب أن هذه السورة فيها المدح الكامل والميلاد الكامل فالله تعالى يقول ( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى ) فهناك نظرين أولهما كيف وجد النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وجد بالميلاد ، ما نزل من السماء ؟ وما نبت من الأرض ؟ وما جاء من البحر ؟ وإنما ولد ، كيف ولد ؟ ومن ولده ؟ وكيف تربى ؟ وكيف .. ؟ وكيف ..؟ وكيف كان يتيماً ؟ ومن هو أبوه ؟ ومن هي أمه ؟ وفي إيواءه من إيواء جده عبد المطلب إلى عمه أبو طالب إلى إيواء خديجة إلى إيواء الأنصار فهذه الآية الواحدة مولوداً كاملاً ثم الآية الأخرى (وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى) بعض المفترين يقولون أن النبي قد ضلَّ ، وضل في اللغة العربية أخطأ الطريق الذي يجب أن يمشي عليه والله سبحانه وتعالى يقول: ( مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ ) فلما تلا الكتاب والإيمان فقد اهتدى فلذلك الضلال في القرآن يجيئ لمعان انظر إلى موسى لما قال له فرعون : ( وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) فلم يقبل موسى عليه السلام ( قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ) ما قصدت قتل الرجل إنما قصدت دفاعاً عن المظلوم والضعيف .. ومن الغريب أيضاً أن القرآن جمع مدائح كثير وقد جمعتُ الآيات في المدح فأحصيتُ أكثرمن 435 آية صراحة في المدح أما الإيماء فكل القرآن فإذا أقمنا 435 مجلساً في العام فهذا قليل في حقه صلى الله عليه وسلم فيجب علينا أن نقيم أكثر من ذلك فلو أنا أقمنا كل يوم لأحمد مولداً قد كان واجب ، والصحابة رضوان الله تعالى عليهم مدحوا النبي صلى الله عليه وسلم وما من صحابي إلا وله موقف في مدح النبي صلى الله عليه وسلم إما قولاً وإما فعلاً وإما إنشاداً وإما جهاداً ، فلذلك امدح نبيك بأي وسيلة شئت وسمه بعد ذلك مولداً أو ذكرى أو أي اسماً شئت ولكن المقصود أن تمدح النبي صلى الله عليه وسلم فصلاتك مقبولة بأي اسم كان لك حتى لو لم يكن لك اسم فصلاتك مقبولة فالمقصود تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وكل من مدح النبي صلى الله عليه وسلم مدحه وهو قائم ولايوجد أحداً من الصحابة مدحه وهو جالس فالقيام أصل والجلوس فرع أتقدم الفرع على الأصل ؟ لماذا ؟ ، ويقول المفترين إنكم تستحضرون روح النبي صلى الله عليه وسلم ! فإنك تستحضر روحه في الصلاة فكيف إذا استحضرت روحه في المولد ؟! ، فلا تصح صلاتنا إلا إذا قلنا السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته نداءان خطابيان الكاف وأيها فأنت تستحضر النبي في الصلاة فإذا استحضرته في المولد فهذا غير جائز ، وبعضهم يقولون هل يحضر النبي في المولد فإذا كان الأنبياء يحضرون أمام النبي فهذا موسى ينزل عندما حج النبي ورأى يونس ورأى غيرهم من الأنبياء فكان النبي صلى الله عليه وسلم يستحضر الأنبياء ويراهم فنحن إذا لم نكن نره ..
وسلم لأهل الله في كل **** مشكـــل لديك لديهم واقع
وإذا لم ترى الهــــلال **** فسلم لأناس رآه بالأبصار

ما يشتمل عليه المولد النبوي
1- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي واجبه بأمر الله (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً )) (الأحزاب:56)

2- معرفه السيرة النبوية وهي واجبة فقد مُلئت الآيات القرآنية بها ..

3- معرفة أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم وهي مذكورة في القرآن الكريم بالإضافة إلى إكثار الصحابة من وصفه بصفات دقيقة (( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى )) ، ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ))
روى الترمذي بسند صحيح " جاء الحسن إلى خاله هند ابن أبي هاله وكان رجلاً وصافاً ، فقال له يا خال : صف لي رسول الله .. فإنى اشتهى أن أسمعها " وكيف لا تكون رؤيته محببه وسماع أوصافه وهو من سننجو به يوم القيامة ، فإذا كان الرسول شوقنا لرؤيته .. فكيف لا نتخيل شكله ونشتاق لرؤيته !!
وقال صلى الله عليه وسلم : " ويل لمن لا يرانى يوم القيامة ، فقالت السيدة عائشة : ومن ذا الذي لا يراك يا رسول الله ؟ فقال : من ذكرت عنده ولم يصلي عليه "
وقد قال بعض علماء القرن العشرين : ما الفائدة من ذكر أخبار النبي قبل البعثة ؟
ونقول لهم : " لماذا إذن أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم ؟؟
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر لنا أحواله قبل البعثه فكان يقول لصحابته عن بئر كان في المدينة : (( هنا تعلمت العوم في ديار أخوالي في ديارعدي بن النجار )) ، (( إنى عند الله نبي وإن آدم لمنجدل في طينته )) ،(( إنى عند الله لخاتم الأنبياء وإن آدم بين الروح والجسد)).

ومن الذين كتبوا في هذا المجال من كبار علماء الأمة وأثنوا على الموالد النبوية ومن احتفل به من الائمة الاعلام من علماء المذاهب الاربعة كذلك السلاطين والامراء والملوك في شتى بقاع الأرض.

1- ابن جبير الرحالة وذكره إلإحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع اهل مكة المكرمة
من أقدم المصادر التي ذكر فيها إقامة احتفال عام لذكرى المولد هي كتاب رحال
(ص. 114 115) لابن جبير (ولد عام 540 هجرية):
قال (يفتح هذا المكان المبارك أي منزل النبي صلى الله عليه وسلم ويدخله جميع الرجال للتبرّك به في كل يوم اثنين من شهر ربيع الأول ففي هذا اليوم وذاك الشهر ولد النبي صلى الله عليه وسلم.)

فكان الإحتفال في شهر ربيع الأول في يوم مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم هو عمل المسلمين قبل قدوم ابن جبير إلى مكة والمدينة و كان يحتفل به أهل السنة في أرض الله المكرمة وما ذكر عن صاحب إربل الملك المظفر كان أول من اظهر الاحتفال بالمولد وتوسع فيه
وقد دخل ابن جبير مكة في عام 16 شوال 579هـ ومكث أكثر من ثمانية أشهر وغادرها الخميس الثاني والعشرون من ذي الحجة 579هـ متوجهاً إلى المدينة المنورة كما هو مذكور في رحلته و مكث ابن جبير خمسة أيام فقط بالمدينة المنورة وغادرها ضحى يوم السبت الثامن من محرم 580هـ .

2- الشخ الصالح عمر الملا (المتوفى سنة 570 ) وقاهر الصليبين السلطان نور الدين زنكي والاحتفال بالمولد النبوي الشريف
ومن أوائل من احتفل به من علماء أهل السنة من أهل المشرق الشيخُ الصالحُ عمر المَلاَّ الموصلي المتوفى سنة 570 مع صاحب الموصل وكان السلطان نور الدين من اخص محبيه
ذكر الحافظ أبو شامة في حوادث سنة 566 من كتاب الروضتين في أخبار الدولتين
(فصل
قال العماد: وكان بالموصل رجل صالح يعرف بعمر الملاَّ، سمى بذلك لأنه كان يملأ تنانير الجص بأجرة يتقوَّت بها، وكل ما عليه من قميص ورداء، وكسوة وكساء، قد ملكه سواه واستعاره، فلا يملك ثوبه ولا إزاره. وكن له شئ فوهبه لأحد مريديه، وهو يتجر لنفسه فيه، فإذا جاءه ضيف قراه ذلك المريد. وكان ذا معرفة بأحكام القرآن والأحاديث النبوية.
كان العلماء والفقهاء، والملوك والأمراء، يزورونه في زاويته، ويتبركون بهمته، ويتيمنَّون ببركته. وله كل سنة دعوة يحتفل بها في أيام مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضره فيها صاحب الموصل، ويحضر الشعراء وينشدون مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم في المحفل.
وكان نور الدين من أخص محبيه يستشيرونه في حضوره، ويكاتبه في مصالح أموره.) انتهى
وكذا ذكره وكذا ابنُ كثير في حوادث نفس السنة من تاريخه
والشيخ الصالح عمر الملا الموصلى قال فيه الذهبي
وقد كتب الشيخ الزاهد عمر الملاّ الموصلي كتاباً إلى ابن الصابوني هذا يطلب منه الدعاء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 130

وكان ذلك تحت إمرة الملك العادل السُّنِّيِّ نور الدين محمود زنْكِي الذي أجمع المؤرخون على ديانته وحسن سيرته، وهو الذي أباد الفاطميين بمصر واستأصلهم وقهر الدولة الرافضية بها وأظهر السنة وبني المدارس بحلب وحمص ودمشق وبعلبك وبنى المساجد والجوامع ودار الحديث، كما نصّ على ذلك الذهبي في سير أعلام النبلاء ج 20 ص 532- 535.

وقد ذكر ابن كثير في تاريخه عن السلطان نور الدين
(: أنّه كان يقوم في أحكامه بالمَعدلَةِ الحسنة وإتّباع الشرع المطهّر وأنّه أظهر ببلاده السنّة وأمات البدعة وأنّه كان كثير المطالعة للكتب الدينية متّبعًا للآثار النبوية صحيح الاعتقاد قمع المناكير وأهلها ورفع العلم والشرع.)
ابن كثير في تاريخه ج12 ص 278

وقال عنه ابن الأثير في تاريخه ج9 ص125:
طالعت سِيَرَ الملوك المتقدمين فلم أر فيها بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن من سيرته, قال: وكان يعظم الشريعة ويقف عند أحكامها.)انتهى
فاي كلام بعد ذلك أخي المسلم انظر وتأمل
وذلك يعني أن أول من احتفل به من الملوك السُّنِّيينَ واحتفل به في مكة والمدينةة والموصل واربل وغيرها بعيداً عن الفاطميين فذلك مسلَّمٌ له وإن كان يعني بذلك أول من أحتفل به مطلقا أو من احتفل به من علماء المسلمين فقد ورد في فتاوي الأزهر ج8 ص 255: عن المفتي الشيخ عطية صقر: أنّه كان يُحتفَل به بمصر فيما قبل سنة 488 .
وتقدم أيضا أنّ الشيخ عمر المَلاَّ كان يحتفل به بالموصل قبل وفاته في سنة 570,
وتقدم إحتفال أهل مكة قبل دخول ابن جبير
وكُوكْبُرِي هذا إنما كان يحتفل به في مدينة إرْبَلْ بعد أن ولاَّه عليها صلاح الدين الأيوبي سنة 586 أي بعد وفاة الشيخ عمرا لمَلاَّ بستة عشر سنة.

3- الملك الصالح السني المظفر أبو سعيد كوكبري والإحتفال بالمولد النبوي الشريف (549هـ- 630هـ)
قال ابن كثير في البداية والنهاية
الملك المظفر أبو سعيد كوكبري
(ابن زين الدين علي بن تبكتكين أحد الاجواد والسادات الكبراء والملوك الامجاد له آثار حسنة وقد عمر الجامع المظفري بسفح قاسيون وكان قدهم بسياقه الماء إليه من ماء بذيرة فمنعه المعظم من ذلك واعتل بأنه قد يمر على مقابر المسلمين بالسفوح وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الاول ويحتفل به احتفالا هائلا وكان مع ذلك شهما شجاعا فاتكا بطلا عاقلا عالما عادلا رحمه الله وأكرم مثواه وقد صنف الشيخ أبو الخطاب ابن دحية له مجلدا في المولد النبوي سماه التنوير في مولد البشير النذير فأجازه على ذلك بألف دينار وقد طالت مدته في الملك في زمان الدولة الصلاحية وقد كان محاصر عكا وإلى هذه السنة محمود السيرة والسريرة قال السبط حكى بعض من حضر سماط المظفر في بعض الموالد كان يمد في ذلك السماط خمسة آلاف راس مشوى وعشرة آلاف دجاجة ومائة ألف زبدية وثلاثين ألف صحن حلوى .) انتهى
البداية والنهاية (13\136)

وقال في عدله وصلاحه وعلمه الإمام الذهبي
(صَاحِبُ إِرْبِلَ، كُوْكْبُرِي بنُ عَلِيٍّ التُّرُكْمَانِيُّ السُّلْطَانُ الدَّيِّنُ، المَلِك المُعَظَّمُ، مُظَفَّر الدِّيْنِ، أَبُو سَعِيْدٍ كُوْكْبُرِي بن عَلِيِّ بن بكتكين بن مُحَمَّدٍ التُّرُكْمَانِيّ ... وَكَانَ مُحِبّاً لِلصَّدقَة، لَهُ كُلّ يَوْم قنَاطير خُبْز يُفرِّقهَا، وَيَكسو فِي العَامِ خلقاً وَيُعْطِيهُم دِيْنَاراً وَدِيْنَارَيْنِ، وَبَنَى أَرْبَع خَوَانك لِلزَّمْنَى وَالأَضرَّاء، وَكَانَ يَأْتيهِم كُلّ اثْنَيْنِ وَخَمِيْس، وَيَسْأَل كُلّ وَاحِد عَنْ حَالِه، وَيَتفقَّده، وَيُبَاسِطه، وَيَمزح مَعَهُ... وَكَانَ مُتَوَاضِعاً، خَيِّراً، سُنِّيّاً، يُحبّ الفُقَهَاء وَالمُحَدِّثِيْنَ، وَرُبَّمَا أَعْطَى الشُّعَرَاء، وَمَا نُقِلَ أَنَّهُ انْهَزَم فِي حرب).
سير أعلام النبلاء (22\336)

فانظر أخي مالك عادل صالح سني عالم ولم يذكر ما يذكره المعارض من مبتدع زنديق وغيرها فتأمل وتتبع أقوال الائمة وأترك أقوال الادعياء تسلم من الزلل.

بل المظفر أبو سعيد الكوكبري من قواد جيوش صلاح الدين الايوبي في معركة حطين
وزوج شقيقته ربيعة...

4- الإمام أبو الخطاب ابن دحية (544هـ- 633هـ)
ألف للملك المظفر ابو سعيد الكوكبري في المولد النبوي سماه التنوير في مولد البشير النذير فأجازه على ذلك بألف دينار.
البداية والنهاية (13\136)
سير أعلام النبلاء (22\336)
وفيات الأعيان | ج 1 | ص 437 و 381
ورسالة حسن المقصد للسيوطي | ص 75 و 77 و 80 السيرة الحلبية | ج 1 : ص 83 | 84
" وأبو الخطاب ابن دحية هو الذي قال الإمام الذهبي في ترجمته:
(الشَّيْخُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ المُتَفَنِّنُ ... رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ. فَقَالَ: كَانَ لَهُ مَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ بِالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَأَنَسَةٌ بِالحَدِيْثِ، فَقِيْهاً عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ).
وقال ابن خَلِّكان في ترجمة الحافظ أبي الخطاب بن دِحية:
(كان أبو الخطاب المذكور من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء، متقناً لعلم الحديث النبوي وما
يتعلق به، عارفاً بالنحو واللغة وأيام العرب وأشعارها، واشتغل بطلب الحديث في أكثر بلاد الأندلس الإسلامية، ولقي بها علماءها ومشايخها).

5- الإمام أبي شامة (599 ـ 665 هـ)
وهو شيخ الإمام الحافظ النووي
قال في كتابه (الباعث على إنكار البدع والحوادث_ص23) ما نصه:
(( ومن احسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات، والمعروف، وإظهار الزينة والسرور, فإن ذلك مشعر بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكرا لله تعالى على ما من به من إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين))

6- الإمام الحافظ ابن الجوزي المتوفّى سنة 597
حيث قال في المولد الشريف إنه أمان في ذلك العام، وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام.)
المواهب اللدنية | ج 1 ص 27 ، وتاريخ الخميس | ج 1 ص 223 و روح البيان في تفسير القرءان ج 9 ص 2 و السيرة الحلبية لعلي بن برهان الدين الحلبي (1/83 - 84)
وذكر أن له مولد ومختلف فيه بين صحة نسبه إليه أو لغيره ويهمنا قوله السابق والمولد المنسوب بأسم مولد باسم العروس، وقد طبع في مصر

7- الإمام العلامة صدر الدين موهوب بن عمر الجزري الشافعي 559هـ-665.
قال: (هذه بدعة لا بأس بها، ولا تكره البدع إلا إذا راغمت السنة، وأما إذا
لم تراغمها فلا تكره، ويثاب الإنسان بحسب قصده)
صدر الدين موهوب
وهو العلامة موهوب بن عمر بن موهوب بن إبراهيم الجزري، الشافعي ( صدر الدين): من قضاة مصر. مولده بالجزيرة (بوطان) سنة (559هـ). قدم الشام وتفقه. وكان فقيها بارعا أصولياً أديباً. تفقه وبرع في المذاهب والأصول والنحو، ودرس وأفتى وتخرج به جماعة، وكان من الفضلاء الزمان. قدم الديار المصرية وولى بها القضاء دون القاهرة. وولي نيابة الحكم عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام فلما عزل نفسه استقل بها.
شذرات الذهب: 5/320-321 ، مشاهير الكرد:2/210

8- من علماء المغرب الفقيهان العالمان الأميران أبو العباس ( مات سنة 633) وابنه أبو القاسم (مات سنة 677.) العزفيان السَّبْتِيان

وهما من الأئمة كما قال صاحب المعيار ج11 ص379. فأما الأول فقد قال عنه ابن حجر في تبصير المنتبه ج1 ص253: كان زاهدًا إمامًا مفنّنًا مُفْتِيًّا ألَّفَ كتاب المولد وجوّده مات سنة 633.

وأمّا الثاني فقد قال عنه الزركلي في الأعلام ج5 ص223: كان فقيها فاضلا, له نظم أكمل الدر المنظم , في مولد النبي المعظّم من تأليف أبيه أبى العباس بن أحمد. مات سنة 677.

ومما جاء في كتابهم في كتاب الدر المنظم والذي لم ير سبيله إلى النشر:
(كان الحجاج الأتقياء والمسافرون البارزون يشهدون أنه في يوم المولد في مكة لا يتم بيع ولا شراء كما تنعدم النشاطات ما خلا وفادة الناس إلى هذا الموضع الشريف. وفي هذا اليوم أيضاً تفتح الكعبة وتزار.)

9-الحافظ محمد بن ابي بكر بن عبدالله القيسي الشافعي المعروف بالحافظ ابن
ناصر الدين الدمشقي المولود سنة (777هـ) والمتوفى سنة (842هـ)
قد صنف في المولد النبوي الشريف أجزاء عديدة ذكرها صاحب كشف الظنون ص (319)
ومنها جامع الآثار في مولد النبي المختار ومنها اللفظ الرائق في مولد خير الخلائق.
قال عنه الحافظ ابن فهد في لحظ الألحاظ ذيل تذكرة الحفاظ: هو إمام مؤرخ له
الذهن الصافي السليم تولى مشيخة اهل دار الحديث بالأشرفية بدمشق)
وألف في ذلك ايضاً ( مورد الصادي في مولد الهادي )
ويقول في ذلك الحافظ شمس الدين محمد الدمشقي :
إذا كان هذا الكافـــــر جـــاء ذمه
بتبـت يداه في الجحيم مخلــدا
أتى أنه في يوم الاثنيـــن دائمــــاً
يخفف عنه للســرور بأحمــدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره
بأحمد مسرورا ومات موحدا

10- الحافظ ابن كثير (700 هـ- 774هـ)
الحافظ ابن كثير: وهو عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير صاحب التفسير
صنف الإمام ابن كثير مولدا نبويا طبع أخيرا بتحقيق
الدكتور صلاح الدين المنجد.

11- الإمام محمد بن أبي إسحق بن عباد النفزي (733هـ- 805هـ)
، ففي كتاب "المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب (11/278) ما نصه:
(وسئل الولي العارف بالطريقة والحقيقة أبو عبد الله بن عباد رحمه الله ونفع به عما يقع في مولد النبي صلى الله عليه وسلم من وقود الشمع وغير ذلك لأجل الفرح والسرور بمولده عليه السلام.
فأجاب: الذي يظهر أنه عيد من أعياد المسلمين، وموسمٌ من مواسمهم، وكل ما يقتضيه الفرح والسرور بذلك المولد المبارك، من إيقاد الشمع وإمتاع البصر، وتنزه السمع والنظر، والتزين بما حسن من الثياب، وركوب فاره الدواب؛ أمر مباح لا ينكر قياساً على غيره من أوقات الفرح، والحكم بأن هذه الأشياء لا تسلم من بدعة في هذا الوقت الذي ظهر فيه سر الوجود، وارتفع فيه علم العهود، وتقشع بسببه ظلام الكفر والجحود، يُنْكَر على قائله، لأنه مَقْتٌ وجحود.
وادعاء أن هذا الزمان ليس من المواسم المشروعة لأهل الإيمان، ومقارنة ذلك بالنيروز والمهرجان، أمر مستثقل تشمئز منه النفوس السليمة، وترده الآراء المستقيمة).

12- شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني (724 هـ - 805 هـ)
قال العلامة المقريزي في كتابه "المواعظ والاعتبار" ج3 ص167
فلما كانت أيام الظاهر برقوق عمل المولد النبويّ بهذا الحوض في أوّل ليلة جمعة من شهر ربيع الأول في كلّ عام فإذا كان وقت ذلك ضربت خيمة عظيمة بهذا الحوض وجلس السلطان وعن يمينه شيخ الإسلام سراج الدين عمر بن رسلان بن نصر البلقيني ويليه الشيخ المعتقد إبراهيم برهان الدين بن محمد بن بهادر بن أحمد بن رفاعة المغربيّ ويليه ولد شيخ الإسلام ومن دونه وعن يسار السلطان الشيخ أبو عبد الله محمد بن سلامة التوزريّ المغربيّ ويليه قضاة القضاة الأربعة وشيوخ العلم ويجلس الأمراء على بعد من السلطان فإذا فرغ القراء من قراءة القرآن الكريم قام المنشدون واحدًا بعد واحد وهم يزيدون على عشرين منشدًا فيدفع لكل واحد منهم صرّة فيها أربعمائة درهم فضة ومن كلّ أمير من أمراء الدولة شقة حرير فإذا انقضت صلاة المغرب مدّت أسمطة الأطعمة الفائقة فأكلت وحمل ما فيها ثم مدّت أسمطة الحلوى السكرية من الجواراشات والعقائد ونحوها فتُؤكل وتخطفها الفقهاء ثم يكون تكميل إنشاد المنشدين ووعظهم إلى نحو ثلث الليل فإذا فرغ المنشدون قام القضاة وانصرفوا وأقيم السماع بقية الليل واستمرّ ذلك مدّة أيامه ثم أيام ابنه الملك الناصر فرج‏.‏ )
وقريب منه في انباء الغمر الجزء 2 صفحة 562 للحافظ ابن حجر العسقلاني
( وعمل المولد السلطاني (المولد النبوي الشريف على العادة في اليوم الخامس عشر، فحضره البلقيني والتفهني وهما معزولان، وجلس القضاة المسفزون على اليمين وجلسنا على اليسار والمشايخ دونهم، واتفق أن السلطان كان صائما، فلما مد السماط جلس على العادة مع الناس إلى إن فرغوا، فلما دخل وقت المغرب صلوا ثم أحضرت سفرة لطيفة، فاكل هو ومن كان صائما من القضاة وغيرهم.)

13- علماء القرون السابع والثامن للمذاهب الاربعة والسلاطين والملوك في هذا الوقت
كان الخلفاء المسلمون يقيمون الاحتفال بالمولد النبوي، ومعهم قضاة المذاهب الأربعة، ومشاهير العلماء.
قال العلامة المقريزي في كتابه "المواعظ والاعتبار" ج3 ص167
فلما كانت أيام الظاهر برقوق عمل المولد النبويّ بهذا الحوض في أوّل ليلة جمعة من شهر ربيع الأول في كلّ عام فإذا كان وقت ذلك ضربت خيمة عظيمة بهذا الحوض وجلس السلطان وعن يمينه شيخ الإسلام سراج الدين عمر بن رسلان بن نصر البلقيني ويليه الشيخ المعتقد إبراهيم برهان الدين بن محمد بن بهادر بن أحمد بن رفاعة المغربيّ ويليه ولد شيخ الإسلام ومن دونه وعن يسار السلطان الشيخ أبو عبد الله محمد بن سلامة التوزريّ المغربيّ ويليه قضاة القضاة الأربعة وشيوخ العلم ويجلس الأمراء على بعد من السلطان فإذا فرغ القراء من قراءة القرآن الكريم قام المنشدون واحدًا بعد واحد وهم يزيدون على عشرين منشدًا فيدفع لكل واحد منهم صرّة فيها أربعمائة درهم فضة ومن كلّ أمير من أمراء الدولة شقة حرير فإذا انقضت صلاة المغرب مدّت أسمطة الأطعمة الفائقة فأكلت وحمل ما فيها ثم مدّت أسمطة الحلوى السكرية من الجواراشات والعقائد ونحوها فتُؤكل وتخطفها الفقهاء ثم يكون تكميل إنشاد المنشدين ووعظهم إلى نحو ثلث الليل فإذا فرغ المنشدون قام القضاة وانصرفوا وأقيم السماع بقية الليل واستمرّ ذلك مدّة أيامه ثم أيام ابنه الملك الناصر فرج‏.‏ )
وكذلك مثله ذكره جمال الدين أبو المحاسن يوسفي بن تَغْرِيْ بَرْدِيْ في (( النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة)) جـ12ص 72-74

وفي السلوك
(وفي ليلة الجمعة سابعه: عمل المولد السلطاني على العادة، في كل سنة وحضر الأمراء وقضاة القضاة الأربع ومشايخ العلم وجمع كبير من القراء والمنشدين، فاستدعى قاضي القضاة ولي الدين أحمد بن العراقي ليحضر، فامتنع من الحضور، فتكرر استدعاؤه حتى جاء فأجلس عن يسار السلطان حيث كان قاضي القضاة زين الدين التفهني جالساً، وقام التفهني فجلس عن يمين السلطان، فيما يلي قاضي القضاة علم الدين صالح ابن البلقيني.)

14- الحافظ العراقي (وهو شيخ الحافظ ابن حجر العسقلاني) (725هـ- 808 هـ)
له مولد باسم المورد الهني في المولد السني ذكره ضمن مؤلفاته

قال الحافظ العراقي رحمه الله تعالى : إن اتخاذ الوليمة وإطعام الطعام مستحب في كل وقت فكيف إذا انضم إلى ذلك الفرح والسرور بظهور نور النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الشهر الشريف ولا يلزم من كونه بدعة كونه مكروها فكم من بدعة مستحبة بل قد تكون واجبة)
شرح المواهب اللدنية للزرقاني.

15- شيخ الإسلام وإمام الشراح ومحدث الدنيا الحافظ ابن حجر العسقلاني:
قال (أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كانت بدعة حسنة)) انتهى كلامه رحمه الله.
الفتاوى الكبرى (1/196). وحسن المقصد في عمل المولد للإمام السيوطي

16- الإمام العالم العلامة شيخ القراء و المحدثين قاضي القضاة شمس الدين محمد أبو الخير بن محمد بن محمد الجزرى (ت 833هـ)
له كتاب ( عرف التعريف بالمولد الشريف).
ونقل عنه الحافظ القسطلاني
قال القسطلاني : « قال ابن الجزري : فإذا كان هذا أبولهب الكافر الذي زل القرآن بذمه ، جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي ( ص ) به ، فما حال المسلم الموحّد من أمته عليه السلام ، الذي يسر بمولده ، ويبذل ما تصل اليه قدرته في محبته ؟ لعمري ، إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله العميم جنات النعيم)
المواهب اللدنية ج 1 ص 27 ، ورسالة حسن المقصد للسيوطي المطبوعة مع النعمة الكبرى على العالم ص 90 ـ 91 ، وتاريخ الخميس ج 1 ص 222

17- الإمام الحجة الحافظ السيوطي:
عقد الإمام الحافظ السيوطي في كتابه (( الحاوي للفتاوى))بابا أسماه (حسن المقصد في عمل المولد) ص189

18- في عهد الظاهر سيف الدين جقمق وقايت باي وبحضور الائمة والعلماء والقضاة من المذاهب الاربعة وإحتفال الناس
قال السخاوي ( وفي هذا الشهر ( ربيع الأول 845 ه في عهد السلطان جقمق)
كان المولد السلطاني ( المولد النبوي الشريف) على العادة..
ثم قال ولا زال أهل الإسلام يحتفلون بيوم مولده صلى الله عليه وسلم ويعملون الولائم لذلك ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ويظهرون السرور ويزيدون في المبرات ويعتنون بقراءة مولده الكريم ويظهر عليهم من بركاته فضل عميم....
قال ابن الجوزي ومما جرب من خواضه :أمان في ذلك العام وبرشى عاجلة بنيل البغية والمرام.
ثم قال السخاوي ( ولم يكن في ذلك إلا إرغام الشيطان وسرور أهل الإيمان لكفى )
السيرة الحلبيةج 1 ص 83 ـ 84 وراجع تاريخ الخميس ج 1 ص 223

وقال ابن حجر (وفي ليلة الإثنين حادي عشره كان المولد النبوي بالحوش على العادة وتغيظ السلطان فيه على القاضي الحنفي بسبب تأخيره
انباء الغمر الجزء 1 صفحة 708 – حوادث سنة 849هــ

وذكر عند ابن اياس إعتياد سلاطين المماليك الاحتفال به بين الاول والثاني عشر من شهر ربيع الاول وذلك في خيمة تضرب في حوش قلعة القاهرة بحضور الفقهاء والقضاة الاربعة والشعراء ويقدم لكل من الواعظين كمية من الدراهم ثم تمد أسمطة الحلوى. ومما حدث في مولد سنة 885هـ/ 1480م حضور كاتب السر ومعه ستة طواشية يحملون ستة أطباق فيها ستون ألف دينار ذهب عين تبرع بها السلطان لشراء أماكن توقف لإطعام فقراء المدينة المنورة، وكانت الخيمة من قماش بلغ مصروفها ثلاثة وثلاثين ألف دينار من أيام السلطان قايتباي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://saydatar.ahlamontada.com
 
جواز الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حب رسول الله صلى الله عليه وسلم .... ولكن....
» من معجزاته صلى الله عليه وسلم
» من بعض صلوات السيد : محمود شجر رضي الله عنه على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
»  لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة ومناماً بكرم الله الكريم
»  كيف نحتَفلُ بمولد النبي صلى الله عليه وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الرفاعي ســــــيـد أحــمــد الـعطـــار  :: خاص بالنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم-
انتقل الى: